ومن العجب أنها ليست قاصرة على بلاد الشرق، بل ما زالت قائمة إلى اليوم في البلاد الغربية، فقد رفعت إلى القضاء الفرنسى أخيرًا قضية في نوع من مسحوق الحب قدمته إحدى العرافات إلى زبونتها مؤكدة لها أنه يجذب إليها قلب من تهوى، فإنه مركب من جلد الضفادع، فقدمت هذه العرافة إلى المحاكمة بتهمة النصب والاحتيال.
ومن الخرافات الشائعة بين عمال المناجم الإنجليز اعتقاد المعدنيين في لانكشير بإنجلترا أن بعض مناجم الفحم في هذه المدينة مسكونة بأرواح أطفال صغار كانوا قديمًا يشتغلون في هذه المناجم ثم ماتوا ضحية الضعف والإعياء والحاجة إلى استنشاق الهواء النقى، ولا تظهر هذه الأشباح إلا عندما تكون هناك كارثة ستحل بالمنجم، فيكون ظهورها حينئذ بمثابة إنذار ليتخذ العمال الحيطة والحذر، ويتشاءم معظم المعدنيين من الفئران البيضاء، ولذلك لا يربونها، كما أنهم لا يربون القطط البيضاء أيضًا، وإذا اتفق أن شاهد أحدهم وهو سائر في طريقه إلى المنجم عصفورًا أو طائرًا أبيض اللون فإنه يتشاءم منه ويعود إلى بيته ويبقى فيه طول يومه اعتقادًا منه أنه لو ذهب إلى المنجم لحلت به كارثة.
ومن عادة زوجات عمال المناجم أن يضعن بين طيات الفرش الذى ينام علمه أزواجهن قطعًا من الفحم لأنهن يعتقدن أنهن إذا لم يفعلن ذلك فسيصاب أزواجهن بسوء قبل أن يتسخ ذلك الفراش.
وبهذا وأمثاله يتضح لك بطلان اتهام الغربيين للشرق بأنه مبنى على الخرافات والأوهام السخيفة وعيبهم على أهله إيمانهم بكثير من الخرافات التى لا يتأثر بها إلا ضعفاء الأحلام، وأن هناك مئات الألوف من الغربيين يومنون بخرافات أسخف بكثير من تلك التي ينسبونها إلى الشرقيين.
ومن أوهام العامة ما زينه الشيطان لهم من التمسح بجدار أو عمود، وتعظيم عين أو شجر أو حجر لرجاء شفاء أو قضاء حاجة، وقبائحهم في ذلك غنية عن البيان، وقد صح أن الصحابة رضي الله عنهم مروا بشجرة سدر قبل حنين كان المشركون يعظمونها وينوطون بها أسلحتهم،