للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والنصارى في مراسمهم، والفاسقين الفاجرين في أماكنهم، ويظفر بإحسان الله ورحمته.

* * *

الفصل السابع في البِدَع التى تَقع في العِبَادات

أعلم أن هذا النوع من البدع واسع الأرجاء لا يدخل تحت حصر فإن العبادات كثيرة الأنواع، والطريق الجامع لها المحيط بشعبها أحكام مسائل العبادات على الوجه المشروع، ثم الإحاطة على قدر الوسع بالمصالح والمفاسد المقصودة من تشريعها ليتميز الخبيث من الطيب، فعن ذى النون بن إبراهيم رحمه الله أنه كان يقول: "من أعلام البصر بالدين معرفة الأصول لنسلم من البدع والخطأ، والأخذ بالأوثق من الفروع احتياطًا لنأمن".

ولا يعزب عنك أن الحكم على أمر بالابتداع فرع عن العلم بأنه خارج عن حدود المشروع بكتاب أو سنة أو إجماع أو قياس، وأن ما يكون بدعة قبيحة هو ما احتوى على مفسدة حرام أو مكروه، وأن ما يقال فيه بدعة حسنة هو ما فيه مصلحة الحسن.

(وعلى الجملة) لا يصح الحكم على شيء بأنه بدعة إلا بعد معرفة أصله في الشرع الشريف وإلا كان رجمًا بالغيب وهو لا يليق خصوصًا برجال الدين، ثم إن البدع في العبادات منها ما يكون عامًا لا يختص بنوع منها، ومنها ما يختص، كالذى يقع في صلاة أو صوم أو حج أو دعاء أو ذكر أو قراءة على ما سيأتى بيانه إن شاء الله تعالى.

(فمن البدع) في الصلاة الجهر بالنية. قال في "المدخل" ما ملخصه: لا يجهر إمام ولا مأموم ولا فذ بالنية فإنه لم يرو أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا الخلفاء ولا الصحابة رضوان الله عليهم جهروا بها فكان بدعة.

وفما "زاد المعاد" ما نصه: كان - صلى الله عليه وسلم - إذا قام إلى الصلاة قال: الله أكبر ولم يقل شيئًا قبلها ولا يلفظ بالنية البتة، ولا قال: أصلى لله كذا مستقبل القبلة أربع ركعات إمامًا أو مأمومًا، ولا قال: أداء ولا قضاء ولا فرض الوقت، وهذه عشر بدع لم ينقل عنه أحد قط بإسناد صحيح

<<  <   >  >>