للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بأنه لو ذهب إلى البحر يبتلعه (التمساح) وقصدها بذلك عدم خروجه أو ابتعاده عن البيت، ولا يخفى ما في ذلك من غرس الجبن في نفسه الصافية القابلة؛ لأن ينبت فيها مثل هذا الخلق السَّيِّئ الذى عرفه الأخلاقيون بأنه انخذال في النفس عن مصادمة أي عارض لا يلائم حالها.

وغالب نساء الفقراء لا يتحدثن أمام أولادهن إلا في النوادر المخيفة (كالعفريت) و (المارد) و (المزيرة) يقلن على المارد أنه يظهر ليلًا للإنسان ويسد عليه الطريق من الجهات الأربع بحائط، وعلى المزيرة إنها جنية، وكل جسمها إبر ومسامير تظهر

بزى امرأة جميلة مزينة ومرتدية إزارًا أبيض كالثلج إذا قرب منها الإنسان تضمه إليها وتختفى به فلا يعود أبدًا، وعلى العفريت أنه يظهر في أشكال متنوعة، منها أنه تارة يظهر في صورة حمار عال أبيض فيركبه الإنسان حتى يعلو به ثم يقذفه من فوق ظهره فيسقط على الأرض مهشمًا، وتارة أنه شبه قط أو كلب أو قربة، والبعض يصفه للأطفال بأنه أسود كالليل طويل القامة وعيناه بالطول يقدح منها الشرر.

بمثل هذه الخرافات التى تخوف بها الأطفال ينمو في أذهانهم الجبن والرعب فلا يمكنهم الانتقال ليلًا أو نهارًا خطوة واحدة إلا مع أحد خوفًا من حادث يفزعهم، ولو كان شخصًا مقبلًا عليهم من بعيد.

ومن أوهامهم أنه إذا خطفت هرة منهم شيئًا من الأطعمة وأراد الولد أن يضربها ليلًا يمنعونه من ذلك ويوهمونه أن ضرب القطط ليلًا مضر بهم لزعمهم أنها جنية، (وأعجب) من هذا في الوهم والخرافات أنه إذا وقع الطفل على الأرض سمت عليه أمه قائلة: (بسم الله عليك وعلى أختك) لزعمها أن له أختًا من بنات الجان.

ومن أوهامهم: أنه إذا كان لأحدهم بهيمة (جاموسة) مكروهة وأراد بيعها في السوق فإنهم يضربونها بالمغرفة عند خروجها من البيت، يزعمون أنها بذلك لا ترجع، بل تباع في يومها، ومنهم من يكسر وراءها قوارة، قائلًا: الله لا يرجعك، وذا كله من الأوهام القديمة بين العامة التى ليست معقولة إذ لا ارتباط بين المغرفة أو القوارة وبين رغبة المشترى فيها، ولكنه الوهم يلعب بالدهماء.

<<  <   >  >>