والاحترام إذ لو كان مشروعًا لقام عليه الصلاة والسلام والصحابة الذين كانوا معه فعدم قيامه عليه الصلاة والسلام، ومن حوله من الأصحاب دليل على عدم مشروعيته لذلك، إذ لا جائز أن النبي -صلى الله عليه وسلم- يتأخر من غير ضرورة عن فعل المشروع أو يقر الصحابة على عدم الفعل.
وأما قيام طلحة: فكان للتهنئة لزيادة المودة التى كانت بين طلحة وكعب والقيام لأجل ذلك مشروع فهو دليل عليه لا له.
ومنها قيام النبي صلوات الله وسلامه عليه للسيدة فاطمة، وتقبيله لها وقيامها رضي الله عنها له -صلى الله عليه وسلم- وتقبيلها له، وهذا لا دلالة فيه إذ قيامها إنما كان لأجل التقبيل وتوسعة المكان لمن كان داخلًا منهما والقيام لذلك مشروع لا للبر والإكرام كما ادعى.
ومنها ما رواه أبو داود:"أن عمرو بن السائب رضي الله عنه حدثه أحد بلغه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان جالسًا يومًا فأقبل أبوه من الرضاعة فوضع له بعض ثوبه فجلس عليه، ثم أقبلت أمه فوضع لها شق ثوبه عن جانبه الآخر فجلست عليه، ثم أقبل أخوه من الرضاعة فقام رسول الله -صلى الله عليه وسل - فأجلسه بين يديه" وهو ينتج ضد مطلوبه، إذ الحديث صريح في كون القيام نفسه ليس من فعل البر، بدليل أنه عليه الصلاة والسلام لم يقم لأمه وأبيه مع أنهما أولى بالبر والاحترام من أخيه، فحيث أنه عليه الصلاة والسلام لم يقم لهما دل على أن قيامه لأخيه ليفسح له في المجلس لضيقه لا ليكرمه بنفس القيام، ولذا لما كان المكان فيه اتساع عند قدوم أبويه لم يقم -صلى الله عليه وسلم- لهما، فاتضح أن الحديث دليل لعدم جواز القيام للإكرام لا دليل لجوازه أو ندبه.
ومنها قيام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لعكرمة بن أبي جهل حين أسلم في اليمين وقدم على النبي -صلى الله عليه وسلم- ليبايعه، فلما رآه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وثب إليه فرحًا وما عليه رداء حتى بايعه، ولا دلالة فيه على المدَّعَى؛ لأن قيام -صلى الله عليه وسلم- لعكرمة رضي الله عنه لا ليكرمه به، بل ليمشى إليه خطوات تقوم مقام ذهابه عليه الصلاة والسلام إلى بيت عكرمة لأنَّه كان غائبًا والغائب ندب الشرع الحاضرين إلى الذهاب إلى بيته، وكان -صلى الله عليه وسلم- لم يذهب إلى بيته فقام