الفرار يوم الزحف، وعليكم خاصة اليهود أن لا تعدوا في السبت" فقاموا فقبلوا يديه ورجليه وقالوا: نشهد أنك نبي، قال: "فما زال يمنعكم أن تتبعونى؟ "
قالوا: إن داود عنيه السلام دعا ربه أن لا يزال في ذريته نبى وإنا نخاف إن اتبعناك أن تقتلنا اليهود. قال الترمذى: حديث حسن صحيح. فتقبيل اليهود ليديه ورجليه عليه الصلاة والسلام ولم ينكره، دليل على مشروعيته.
وروى عن عبد الرحمن بن أبى ليلى عن عبد الله بن عمر قال: "كنا نقبل يد النبي -صلى الله عليه وسلم- " رواه أبو داود، ومن حديث وكيع عن سفيان قال: "قبل أبو عبيدة يد عمر بن الخطاب"، وقل إياس بن دغفل: رأيت أبا نضرة يقبل خد الحسين، وروى الشيبانى عن أبى الحسن عن مصعب قال: رأيت رجلًا دخل عَلَى عَلِىّ بن الحسين في المسجد فقبل يده ووضعها على عينيه فلم ينهه، وكان عبد الله بن عمر رضي الله عنهما إذا قدم من سفره قبل سالمًا وقال: شيخ يقبل شيخًا، إن هذا جائز على ذلك الوجه لا على وجه مكروه، وقدم زيد بن حارثة المدينة ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- في بيته فقرع الباب فقام إليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عريانًا يجر ثوبه، قالت عائشة رضى الله عنها: ما رأيته عريانًا قبله ولا بعده، فاعتنقه قبله. قال الترمذى: حديث حسن غريب، وقبل عليه الصلاة والسلام جعفرًا حين قدم من أرض الحبشة، قال: وأما القبلة في الفم من الرجل للرجل فلا رخصة فيها بوجه.
ومنها: القيام للقادم وفيه خلاف العلماء، أما حب القيام فلا خلاف في تحريمه، روى الإمام أحمد وأيو داود والترمذى عن معاوية وإسناده صحيح إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "من أحب أن يتمثل له الرجال قيامًا فليتبوأ مقعده من النار" وهو أمر بمعنى الخبر كأنه قال: من أحب ذلك وجب له أن ينزل منزلته من النار وحق له ذلك، ومعناه زجر المكلف أن يحب قيام الناس، فلو لم يخطر بباله فقاموا له فلا لوم عليه. وسر النهى أن الباعث على حب القيام الكِبْر وإذلال الناس، وقد رد صاحب "المدخل" على من قال بجواز القيام أو ندبه حيث قال رحمه الله ما معناه: استدل القائل به بأدلة:
منها: قوله تعالى: {وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ}(١). قال: ومن الخفض لهيم القيام لهم، وأنت تجدها دليلًا على عدم جواز القيام إذ لو كان القيام من جملة