إذا كنا صالحين، أفتأذن لي أن أحدث في مجلسك؟ قال: نعم يا أبا محمد، قال: حدثنى عبد الله بن طاوس عن عيد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: لما قدم جعفر بن أبى طالب من أرض الحبشة اعتنقه النبي -صلى الله عليه وسلم- وقبله بين عينيه وقال:"جعفر أشبه الناس بنا خَلْقًا وَخُلُقًا، يا جعفر ما أعجب ما رأيت بأرض الحبشة؟ " قال: يا رسول الله رأيت وأنا أمشى في بعض أزقتها إذا سوداء على رأسها مكتل فيه بر فصدمها رجل على دابته فوقع مكتلها وانتشر برها فأقبلت تجمعه وهى تقول: ويل للظالم من ديان يوم القيامة، ويل للظالم من المظلوم يوم القيامة، ويل للظالم إذا وضع الكرسى للفصل يوم القيامة، فقال عليه الصلاة والسلام:"لا يقدس الله أمة لا تأخذ لضعيفها من قويها حقه غير متعتع".
ثم قال سفيان: قد قدمت لأُصلِّى في مسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأُبشرك برؤيا رأيتها، فقال مالك: رأت عيناك خيرًا إن شاء الله، فقال سفيان: رأيت كأن قبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- انشق فأقبل الناس يهرعون من كل جانب النبي عليه الصلاة والسلام يرد بأحسن رد، قال سفيان: فأتى بك والله أعرفك في منامى كما أعرفك في يقظتي فسلمت عليه فرد السلام، ثم رمى في حجرك بخاتم نزعه من أصبعه، فاتق الله فيما أعطاك رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فبكى مالك بكاء شديدًا، قال سفيان: السلام عليكم. قالوا له: خارج الساعة. قال: نعم فودعه مالك وخرج.
فيؤخذ من مجموع هذه النقول أن المعانقة وردت بها السنة وأن سفيان كان يعتقد عموم مشروعيتها وأن مالكًا كان يكرهها.
ومن العادات التقبيل لليد وغيرها، قال مالك: إذا قدم الرجل من سفره فلا بأس أن تقبله ابنته وأخته، ولا بأس أن يقبل رأس ابنه، ولا يقبل خد ابنه أو ابنته، لأنَّه لم يكن من فعل الماضين. قال ابن رشد: سألت يهودُ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- عن التسع الآيات البينات الواردة في القرآن؟ فقال لهم: "لا تشركوا بالله شيئًا، ولا تسرقوا، ولا تزنوا، ولا تقتلوا النفس التى حرم الله إلا بالحق، ولا تمشوا ببرئ إلى السلطان ليقتله، ولا تسحروا، ولا تأكلوا الربا، ولا تقذفوا محصنة، ولا تولوا