للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

البخارى، وروى مسلم عن اين عمر أيضًا عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "أحفوا الشوارب وأعفوا اللحى"، وروى أيضًا عنه قال: قال -صلى الله عليه وسلم-: "خالفوا المشركين أحفوا الشوارب وأوفوا اللحى"، وروى عن أبى هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "جزوا الشوارب وأرخوا اللحى وخالفوا المجوس" (التوفير): الإبقاء، وأحفوا: بهمزة قطع من الإحفاء وهو المبالغة في الجز، وأعفوا: من أعفيته إذا تركته حتى كثر وزاد، فإعفاء اللحية تركها لا تقص حتى تعفو: أي تكثر. "وإرخاؤها وإيفاؤها" بمعنى الإعفاء، والأحاديث في ذلك كثيرة وكلها نص في وجوب توفير اللحية وحرمة حلقها الأخذ منها على ما سيأتى.

ولا يخفى أن قوله: "خالفوا المشركين"، وقوله: "خالفوا المجوس" يؤيدان الحرمة، فقد أخرج أبو داود وابن حبان وصححه عن ابن عمر قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من تشبه بقوم فهو منهم" وهو غاية في الزجر عن التشبه بالفساق أو بالكفار في أي شيء مما يختصون به من ملبوس أو هيئة، وفى ذلك خلاف بين العلماء، منهم من قال بكفره وهو ظاهر الحديث، ومنهم من قال: لا يكفر ولكن يؤدب.

فهذان الحديثان -بعد كونهما أمرين- دالان على أن هذا الصنع من هيئة الكفار الخاصة بهم، إذ النهى إنما يكون عما يختصون به، فقد نهانا -صلى الله عليه وسلم- عن التشبه بهم عامًا في قوله: "من تشبه" ومن أفراد هذا العام حلق اللحية، وخاصًّا في قوله: "وفروا اللحى" خالفوا المجوس خالفوا المشركين.

ثم ما تقدم من الأحاديث ليس على إطلاقه، فقد روى الترمذى عن عبد الله ابن عمرو بن العاص قال: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يأخذ من لحيته من عرضها وطولها"، وروى أبو داود والنسائى: "أن ابن عمر كان يقبض على لحيته فيقطع

ما زاد على الكف"، وفى لفظ: "ثم يقص ما تحت القبضة" وذكره البخاري تعليقًا. فهذه الأحاديث تقيد ما رويناه آنفًا، فيحمل الإعفاء على إعفائها من أن يأخذ غالبها أو كلها.

وقد اتفقت المذاهب الأربعة على وجوب توفير اللحية وحرمة حلقها والأخذ القريب منه:

<<  <   >  >>