لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ} (١) فوارد على ما يزعمه العرب من أن الشيطان يخبط الإنسان فيصرع وأن الجنى يمسه فيختلط عقله، وليس لذلك حقيقة. التخبط: من الخبط هو ضرب غير منتظم كخبط العشواء، والآية على تأويل المعتزلة لا تثبت أن الصرع المعروف يحصل بفعل الشيطان حقيقة ولا تنفى ذلك. انتهى.
بعد التأمل فيما ذكرنا تعلم حال هذا التأويل. وأما قوله تعالى:{وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ} فالسلطان المنفي فيها إنما هو القهر والإلجاء إلى متابعته، لا التعرص للإيذاء والتصدى لما يحصل بسببه الهلاك. أفاده الألوسي.
وفى فتاوى ابن حجر أنه قيل لأحمد رحمه الله: إن قومًا يقولون: إن الجن لا يدخل في بدن المصروع من الإنس، فقال: يكذبون، هو ذا يتكلم على لسانه. فدخوله في بدنه هو مذهب أهل السنة والجماعة.
رجاء في عدة طرق أنه -صلى الله عليه وسلم- جئ إليه بمجنون فضرب ظهره وقال:"اخرج
عدو الله" فخرج، وتفل في فم آخر وقال:"اخرج يا عدو الله فإنى رسول الله".
وإنما الذي ننكره اعتقاد النساء والعوام إذا أصيبوا بشيء من الأمراض العصبية أنها من تأثير الشيطان، والغالب أنه ليس كذلك، فيبادرون إلى عمل (الزار) وعلى فرض أن المرض من الجن يرون أنه لا دواء إلا (الزار) مع أن غاية ما يتخيل في تأثير الزار أنه يحدث نوعًا من التفريح فتتأتر منه أعصاب المريض وتتنبه بهذا الفرح ويحصل الشفاء، وإحداث الفرح إن تعين طريقًا في الشفاء من هذا المرض فلا يتعين أن يكون الزار طريقًا للفرح خصوصًا على الوجه الذى يعمل اليوم.
وليت شعرى بماذا كانت تداوى أمراض الجن قبل بدعة الزار، وبماذا تداويها غير نساء مصر، ويسمى هذا المرض عند الأطباء (التشنج العصبى) وأنجع دواء له عندهم جودة الغذاء مع كثرة الرياضة في الجهات الخلوية الجافة النقية الهواء، مع تعاطي ما يجلب الفرح والسرور والبعد عن المنغصات والمكدرات.
والجن نوع من العالم سموا بذلك لاجتنابهم عن الأبصار، والجنى منسوب إلى الجن، والجنة بالكسر الجن، والجان أبو الجن خلق من نار