الأولى: من هو أكبر منه سنًّا أو أكثر علمًا أو عبادة وانقطاعًا إلى الله تعالى، فإذا نظر إليه علم أن له فضيلة عليه يسبقه للإسلام أو بما خصه الله تعالى به من الخصال الحميدة في الشرع، وعلم تقصيره في نفسه فيحترمه ويعظمه ويرى فضله عليه.
الطبقة الثانية: أن يرى مثله فينبغى له أن ينظره بعين التعظيم لأنَّه قد يكون أقل منه ذنوبًا إن لم يكن سليمًا منها إذ أنه يعرف ذنوب نفسه على الحقيقة ولا يعرف
ذنوب غيره ولعله إذا اطلع على ذنب لغيره لم يكن له سوى ما اطلع عليه وإذا كان كذلك استحق أن ينظره بعين التعظيم والتفضيل على نفسه.
الثالثة: أن يرى هو أصغر منه سنًّا فيقول: هذا أقل منى ذنوبًا لأنى سبقته إلى الدنيا وارتكبت فيها ما ارتكبت قبل أن يكون هو مكلفًا فلا ذنوب عليه، فإن رأى من هو مبتلى في دينه وضاق عليه باب التأويل في حقه فليرجع إلى نفسه شاكرًا نعمة الله عليه بما تلبس من الطاعات وكونه سالما ممَّا ابتلى به غيره من المحظور شرعًا، ثم هو مع ذلك يذكر نفسه بالخاتمة فإنه لا يدرى بم يختم له، فإن عومل بالعدل فلا يخلصه شيء من القرب وإن كثرت، وإن عومل من رآه بالفضل قبل منه اليسير من الحسنات فإن فضل الله لا ينحصر في جهة، وعدله لا يؤمن في حال، فإذا عامل الناس بهذا النظر الحىسن ربح، وعادت عليه بركة تحسين الظن بإخوانه المسملين حالًا ومآلًا، وكان اجتماعه بهم رحمة لهم له، ولكن يشترط عليه إذا رأى مبتلى في دينه أن يقيم عليه سطوة الشرع مع ما تقدم من التأويل الحسن، فإن عجز عن ذلك فأقل ما يمكنه الهجران له.
ومن العادات القبيحة: الزار، الذى اعتاده نساء مصر حتى انتشر في المدن وسرت عدواه منها إلى القرى، تزعم النساء وبعض الرجال إذا نزل بهن بعض العوارض أنها أرياح لا دواء لها إلا (الزار) فيتكلفون له ما قد يفضى إلى خراب البيوت ودوام الشقاق بين الزوجين ثم يأتين فيه من المنكرات ما يأباه الدين وتخجل منه المروءة ويقلقن راحة الناس بالأصوات المنكرة والطبول المزعجة ويرتكبن فيه كل ما يوحيه إليهن الشيطان لأن الموسم له خاصة، فتذبح الذبائح ويقع التضمخ بدمائها ويكشفن الوجوه