بتفضيل بعض الأولاد في المحبة لأنها عمل القلب، وكذا في العطايا إن لم يقصد له الإضرار، وفيه أيضًا: ولو وهب في صحته كل المال للولد جاز (نفذ) وأثم.
ومن هذا يتبين أن هبة الوالد لولده كل ماله، أو تمييزه أحد أولاده عن بقيتهم تصرف مكروه شرعًا ولكنه مع ذلك نافذ لازم متى كان المتصرف صحيحًا غير محجور عليه، وكان التصرف منجزًا. أما إذا كان التصرف مضافًا إلى ما بعد الموت فإنه يعتبر وصية، فإن كان لأجنبى نفذ من ثلث المال بعد الدين والتجهيز أجازه الورثة أم لا، وتوقف على إجازتهم فيما زاد على الثلث فإن أجازوه نفذ وإلا لا، وإن كان التصرف المضاف إلى ما بعد الموت للوارث كان وصية ولا وصية لوارث إلا بإجازة بقية الورثة بعد موت المورث، ومثل هذا التصرف المنجز في مرض الموت للوارث فإنه وصية أيضًا لا تنفذ إلا بإجازة الورثة، غير أن الوقف في مرض الموت على بعض الورثة فيه تفصيل، إن أجاز الورثة التصرف نفذ وإلا قسم الربع بين الورثة جميعهم قسمة الميراث؛ ومن هذا تعلم أن حق الورثة لا يتعلق بمال المورث إلا إذا كان مريضًا مرض الموت، وهو الذى يكون منه الموت.
(وصفوة القول) أن تصرف المالك في ملكه نافذ من كل ماله متى كان صحيحًا غير محجور عليه ليس لأحد حق الاعتراض عليه، ونفاذ التصرف لا يمنع أن يكون المتصرف ظالمًا آثمًا إن قصد بإعطاء أحدهم الإضرار بالباقين، أما إذا أعطى أحدهم جزءًا من ماله لسبب يقتضيه ككثرة عياله أو كونه طالب علم فهذا لا إثم فيه، وإن كان الأفضل التسوية في العطاء حتى بين الذكر والأنثى لأن هذا شيء غير الميراث. ومن هذا تعلم حال من يهب ملكه لزوجة يهواها أو لأولاد منها ويحرم أولاد الأخرى.
وممَّا يفضى إلى سوء المعاشرة أن كل واحد يزعم في نفسه أنه خير من سواه فيهمل آداب المعاشرة من التعظيم والاحترام لإخوانه المسلمين، والذى ينبغى للمكلف أن ينظر إليهم بهذا النظر الحسن وهم على طبقات ثلاث، له في كل طبقة منها سلوك إلى ربه- عَزَّ وَجَلَّ-: