للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يجعلها عرضة للضياع من أجل عمل يريد تنفيذه أو الابتعاد عنه؟ وناهيك ما يكون من السوقة الذين لا خلاق لهم يكثرون الحلف به ترويجًا للسلع، (هذا) مع أن الدين الإسلامى كره الطلاق وحظر جعله يمينًا بدليل ما رواه أبو داود، وابن ماجه عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: " إن أبغض المباحات عند الله الطلاق، وله بلفظ آخر: " أبغض الحلال إلى اللَّه الطلاق " والمراد بالمباح والحلال الشئ الجائز الفعل.

وإنما كان كذلك لإفضائه إلى قطر الوصلة وحل قيد العصمة المؤدى إلى التناسل الذى به تكثر الأمة لا لذاته، فإنه ليس بحرام ولا مكروه أصالة، بل تجرى فيه الأحكام الخمسة، وقد صح أنه -صلى الله عليه وسلم- آلى وطلق وهو لا يفعل محظورًا.

والمراد بالبغض هنا غايته لا مبدؤه، في الحديث: "لعن اللَّه كل ذواق مطلاق"، وعنه -صلى الله عليه وسلم-: "ما حلف بالطلاق مؤمن ولا استحلف به إلا منافق"، وسمع -صلى الله عليه وسلم- رجلًا يقول الطلاق يلزمنى إن فعلت كذا فَرُئِيت الكراهية في وجهه -صلى الله عليه وسلم- وقام وهو يقول: "أتلعبون بدين اللَّه وأنا بين ظهرانيكم!؟ ألا من كان حالفًا فليحلف باللَّه أو ليصمت قال: " ما بال أقوام يلعبون بحدود الله يقول أحدهم: قد طلقتك .. قد راجعتك .. أولئك لا خلاق لهم في الآخرة وقال: " لا تطلقوا النساء إلا من ريبة " وكان عمر رضي الله عنه يجلد كل من حلف بالطلاق ويلزمه ما التزم على نفسه ويقرأ آية: {إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ} (١)، وسئل الإمام مالك رحمه الله عن يمين الطلاق؟ فقال: هو يمين الفساق، وقال الإمام الشافعى رحمه الله تعالى: لا أجيز لمسلم أن يحلف بغير الله.

وكان حجة الإسلام الغزالى رحمه الله تعالى يقول: والله ما أعرف ولا عرفت من عرف وجه النسبة بين اليمين وطلاق المرأة، وأكبر ظنى أن قومًا ابتدعوه والتزموه، انتهى.

أما الحلف بالحرام فهو من أيمان المشركين بلا نزاع، وهو أن يقول على الحرام من بيتى أفعل كذا أو ما فعلت كذا. وقد ثبت أن الجاهلية كانوا يحلفون به ويريدون به التأييد فكان الواحد منهم يقول لزوجته: أتت علي حرام كأمى أو أختى.


(١) [سورة آل عمران: الآية ٩٣].

<<  <   >  >>