للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (٣٠) وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ … } (١) فأنت ترى في هذه الآية الحكيمة أن الله تعالى قد أمر الرجال بغض البصر وحفظ الفرج وأمر النساء بمثل ما أمر به الرجال.

وحرم على النساء كشف العورات وإظهار الزينات دَرْءًا للمفاسد والفتن وقطعًا لأطماع النفس الأمارة بالسوء، وحرصًا على سلامة القلوب من الأذى ليدوم الوفاق ويبقى التضامن.

وبهذا يظهر لك السر في أن الدين الإسلامى قد حرم على الرجل المسلم مس الأجنبية، كما حرم عليه مخالطتها والخلوة بها، الأن الفتنة في هذا أشد، والمفسدة به أعظم، والشر فيه أقرب. روى الطبراني بسند صحيح أن رسول الله صلوات الله وسلامه عليه قال: " لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له "، وروى أيضًا أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: " إياكم والخلوة بالنساء، والذى نفسى بيده ما خلا رجل بامرأة إلا دخل الشيطان بينهما، ولأن يزحم رجلًا خنزير متلطخ بطين أو حمأة خير له من أن يزحم منكب امرأة لا تحل له " وهو صريح في منع الاحتكاك بالمرأة الأجنبية والخلوة بها: زحمته زحمًا من باب نفع: دفعته وزاحمته مزاحمة وزحامًا وأكثر ما يكون ذلك في مضيق.

فتبين لك من مجموع هذه الآيات القرآنية والأحاديث النبوية أن الدين القويم قد جعل بين المسلم وبين الفسوق سدًّا منيعًا من الآداب وحصنًا حصينًا من الأوامر والنواهى.

فهل تأدب المسلمون في هذا العصر المفتون بما أدبهم الله به؟ وهل ابتعدوا عما نهاهم الله عنه؟ وهل تحرزوا ممَّا حذرهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- منه؟ وهل عنوا بتعليم نسائهم وبناتهم ما يخصهن من آداب الشرع وأحكام الدين؟ وهل باعدوا بينهم وبين الفجار والمفسدين؟ (كل ذلك لم يكن).

ولذا ترى الشر ينمو، والفساد ينتشر، والاختلاط بين الرجاد والنساء يزداد يومًا عن يوم، والجهل بدين الله يضرب أطنابه في الأسر الإسلامية


(١) [سورة النور: الآية ٣٠، ٣١].

<<  <   >  >>