للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

استند القائلون بإحياء هذه الليلة بالعبادة إلى أحاديث وردت في فضلها كحديث: "إن الله عز وجل ينزل إلى سماء الدنيا ليلة النصف من شعبان فيغفر لأكثر من شعر غنم بنى كلب" أخرجه الدارقطنى والإمام أحمد في مسنديهما، وحديث: "إن الله عز وجل يطلع إلى عباده في ليلة النصف من شعبان فيغفر للمؤمنين ويملى للكافرين ويدع أهل الحقد لحقدهم حتى يدعوه" رواه الدارقطنى في كتاب "السنن"، وحديث: "إذا كانت ليلة النصف من شعبان فقوموا ليلها وصوموا نهارها فإن الله ينزل فيها لغروب الشمس إلى سماء الدنيا فيقول: ألا من مستغفر فأغفر له؟ ألا من مسترزق فأرزقه؟ ألا من مبتلى فأعافيه؟ ألا كذا؟ ألا كذا حتى يطلع الفجر".

أما المنكرون لفضل هذه الليلة على غيرها فسندهم في ذلك أنه لم يثبت عندهم في فضلها حديث، فقد صرح علماء الحديث بضعف الحديثين الأولين، وقولهم: الحديث الضعيف يعمل به في فضائل الأعمال ليس على إطلاقه كما تقدم في الباب الأول عقب مبحث الاستحسان. والحديث الثالث رواه ابن ماجه وعبد الرزاق من أبى بكر بن عبد الله بن أبى سبرة، وقد قال فيه ابن معين والإمام أحمد: إنه يضع الحديث، نقل ذلك محشى "سنن ابن ماجه" عن "الزوائد"، ووافقه الذهبى في "الميزان" بالنسبة للإمام أحمد، وذكر عن ابن معين إنه قال: ليس حديثه بشيء، وقال النَّسَائِيّ: متروك.

(وجملة القول) أن كل الأحاديث الواردة في ليلة النصف من شعبان دائر أمرها بين الوضع والضعف وعدم الصحة، فقد نقل أبو شامة الشافعى عن القاضى

أبى بكر بن العربى أنه قال في كتاب "العارضة": "ليس في ليلة النصف من شعبان حديث يساوى سماعه"، وقال في كتاب "الأحكام": "ليس في ليلة النصف من شعبان حديث يعول عليه لا في فضلها ولا في نسخ الآجال فيها فلا تلتفتوا إليه". هذه أقوال العلماء في فضل ليلة النصف من شعبان.

وأما الصلاة المخصوصة التى يفعلها بعض الناس في هذه الليلة، فقد ذكر حديثها في "الإحياء و"قوت القلوب"، ولكن قد صرح جماعة من الحفاظ بأنه موضوع. قال الحافظ ابن الجزرى في "الحصن": "وأما صلاة الرغائب

<<  <   >  >>