أخبره أن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما أخبره أن رفع الصوت بالذكر حين ينصرف الناس من المكتوبة (يسلمون منها) كان على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - (قلنا) هذا الحديث محمول على أنهم جهروا به وقتًا يسيرًا لأجل تعليم صفة الذكر لا أنهم واظبوا على الجهر به، حكى هذا الإمام النووى رحمه الله عن الإمام الشافعى رضي الله عنه وكفى به حجة، والذى عليه جمهور العلماء أن الإمام والمأموم يخفيان الذكر إلا عند الحاجة إلى التعليم، على أن هذا الحديث مشكوك فيه، فقد قال عمرو بن دينار: ذكرت ذلك لأبي معبد فأنكره وقال: لم أحدثك بهذا، وهى مسألة معروفة عند علماء الحديث وهى إنكار الأصل تحديث الفرع. راجع شراح البخارى إن شئت.
وغير خاف عليك أن ختم الصلاة على الحالة المعلومة من البدع الإضافية التى هى مثار الخلاف بين أنصار السنة والبدعة، فإنه مشروع باعتبار، غير مشروع باعتبار آخر، فإنك إذا نظرت إليه من جهة كونه قرآنًا وذكرًا ودعاء وجدته مشروعًا، وإذا نظرت إليه من ناحية ما عرض له من الهيئة برفع الصوت، واجتماع المستغفرين، وفى المسجد، والمواظبة عليه وجدته غير مشروع، فما أكثر التباس الباطل بالحق على كثير من الناس. اللهم أرنا الحق حقًّا وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلًا وارزقنا اجتنابه، إنك رب التوفيق والهداية يا رحمن.
ومن هنا يعلم كراهة ما أحدث في صلاة التراويح من قولهم عقب الركعتين الأوليين منها: الصلاة والسلام عليك يا أول خلق الله، ونحو ذلك قبل الأخريين، وبعضهم يترضى عن الصحابة في عقب الأولى عن أبى بكر والثانية عن عمر والثالثة عن عثمان والرابعة عن على رضي الله عنهم، وكل ذلك شرع لما لم يشرعه الله على لسان نبيه - صلى الله عليه وسلم -.
ولا يقال: إنه لا بأس به حيث إنه صلاة وتسليم عليه - صلى الله عليه وسلم -، ومن حيث إنه ترض عن أصحابه لانعقاد الإجماع على سن الترضى عنهم والترحم على العلماء والصلحاء لما فيه من التنويه بعلو شأنهم والتنبيه على عظم مقامهم، ولكن الناس تفعله على أنه شعار لصلاة التراويح ويرون ذلك حسنًا، وهو من تلبيس الشيطان عليهم، وهو أيضًا بدعة إضافية.