للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أدركهم عمر بن الخطاب رضى الله تعالى عنه لضربهم، ولو أدركهم أحد من الصحابة أو التابعين لبدعهم وسخر منهم. وللإمام الغزال في التشنيع على أهل الوسوسة كلام طويل في كتابه "الكشف" فراجعه إن شئت، ومثله للإمام الشعرانى رحمة الله تعالى عليهما.

علاج الوسواس للخلاص من هذه البلية: يجب إشعار القلب أن الخير كله في اتباع رسول الله صلوات الله وسلامه عليه في قوله وفعله، شأن الشر كله في مخالفته وعدم التمسك بهديه، ويلاحظ أحوال السلف الصالح في متابعتهم لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيلزم نفسه بالاقتداء به والاهتداء بهديه، ويتبع سبيل هؤلاء المؤمنين ويسير سيرهم مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وإن كان بقى من التردد شيء بعد ذلك لا يلتفت إليه.

إن فعل ذلك لم يلبث أن يزول عند بعد زمان قليل إن شاء الله تعالى، كما جرب ذلك الموفقون، فقد جاء في الصحيحين: "أن من ابتلى بالوسوسة فليعتقد بالله وَلْيَنْتَهِ"، وجاء في طريق آخر: "أن من ابتلى بالوسوسة فليقل: آمنت بالله وبرسله".

فتأمل هداك الله هذا الدواء النافع الذى وصفه من لا ينطق عن الهوى لأمته، ولا شك أن من استحضر طرائق رسل الله سيما نبينا - صلى الله عليه وسلم - وجد شريعة سهلة لا حرج فيها {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} (١) ورأى طريقته قوية واضحة لا اعوجاج ولا خفاء فيها {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي} (٢) وبذلك إن شاء الله تعالى يبرأ من هذه العلَّة.

ومن الدواء أن يعتقد أن ذلك خاطر شيطانى، وأن إبليس هو الذى أورده عليه، فهو من تسويل الشيطان الذى يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير، وعداوته لبنى الإنسان بينة واضحة، فإذا اعتقد ذلك فليقاتله ليكون له ثواب المجاهدين فإنه يحارب أكبر عدو لله تعالى، ومتى ثبت في ميدان المجاهدة انهزم ذلك الرجيم وفر من بين يديه.

ومن الدواء ما وصفه أهل التربية وقالوا: إنه أنفع علاج في دفع الوسوسة، الإقبال على ذكر الله تعالى والإكثار منه، و (لا إله إلَّا الله) رأس الذكر،


(١) [سورة الحج: الآية ٧٨].
(٢) [سورة يوسف: الآية ١٠٨].

<<  <   >  >>