للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أنها كثيرًا ما تقدم على الصلاة كأنها الأهم. ومن ذلك تأبين الميت ليلة الأربعين أو عند مرور كل سنة المسمى بالتذكار، بالأشعار والخطب المشتملة على الكذب والمبالغة في الوصف، فكل ذلك ممَّا يؤذى الموتى ويرجع فاعلوه بالغضب والوبال آثمين غير مأجورين، ولا سبيل إلى إزالة المنكرات والبدع الواقعة في المقابر والجنائز والمآتم إلا أن يقوم السادة العلماء وخطباء المساجد بضجة عظيمة في تقبيحها وتنفير الناس منها بالوعيد الشديد عليها، أو يوفق اللّه ولاة الأُمور إلى احترام الدين وتنفيذ حدوده بالضرب على أيدى الخارجين عنها من أفراد الأمة ولو باعتبار هذه المخازى من الجرائم والإخلال بالنظام العام وباللّه تعالى التوفيق واللّه تعالى أعلم.

ويكثر السؤال عن الروح بعد الموت (أين تكون؟) فنقول: يرى كثير من العلماء أن أرواح المؤمنين في الجنة شهداء أو غير شهداء إذا لم يحبسها عن الجنة كبيرة أو دين، وأن أرواح الكفار في النار، وهو مروى عن أبى هريرة وابن عمر -رضى اللّه عنهم- لقوله تعالى: {فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ (٨٨) فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ (٨٩) وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ (٩٠) فَسَلَامٌ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ (٩١) وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ (٩٢) فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ (٩٣) وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ} (١) روح: استراحة، وريحان: رزق حسن طيب، ذكره تعالى بعد ذكر خروجها من البدن في الآيات قبله وقسمها ثلاثة أقسام: مقربين في الجنة، وأصحاب اليمين سالمين من العذاب، ومكذبين لهم نزل من حميم وتصلية جحيم، كما قسمها عند البعث يوم القيامة إلى ثلاثة أقسام أول السورة في قوله تعالى {وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً (٧) فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ (٨) وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ (٩) وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (١٠) أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (١١) فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ} (٢).

وقال بعض العلماء: إن أرواح الأنبياء عليهم الصلاة والسلام في أعلى عليين، وأرواح الشهداء في الجنة تسرح كيف تشاء، وأرواح عامة المؤمنين مطلقة ومحبوسة، فالمطلقة تكون في أفنية قبورها غالبًا وأحيانًا تكون في السماء، وفى الجنة وتزور أهلها وتسر لسرورهم وتحزن لحزنهم. والمحبوسة لا تفارق القبر حتى القيامة إلا إذا قضى ما عليها من التبعات كالدين، ومن نظر في كتب السنة


(١) [الواقعة: الآيتان ٨٧، ٩٤].
(٢) [الواقعة: الآيات ٧ - ١٢].

<<  <   >  >>