للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

روى أبو داود من حديث عثمان -رضى اللّه عنه- قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه وقال: "استغفروا لأخيكم واسألوا اللَّه له التثبيت فإنه الآن يسأل".

(فائدة): قال العلماء: يتأكد على من ابتلى بمصيبة بميت أو في نفسه أو أهله أو ماله وإن خفت أن يكثر من قول: "إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم اأْجرنى في مصيبتى وأخلف خيرًا لي منها" لخبر مسلم: أن من قال ذلك أجره اللّه وأخلف له خيرًا، ولأنه تعالى وعد من قال ذلك بأن عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأنهم هم المهتدون. صلوات: ثناء وتكريم، ورحمة: إحسان ولطف بهم عند المصيبة فلا يلحقهم جزع، ولا يستولى عليهم فزع، وأنهم هم المهتدون: أي إلى الصواب في القول والعمل. قال ابن جبير: لقد أعطيت هذه الأمة عند المصيبة ما لم يعطه غيرهم: إنا للّه وإنا إليه راجعون ولو أوتوه لقاله يعقوب ولم يقل: يا أسفى على يوسف، وأخرج الشيخان: أن بنتًا له - صلى الله عليه وسلم - أرسلت إليه تخبره أن ابنها في الموت، فقال - صلى الله عليه وسلم - للرسول: "ارجع إليها فأخبرها أن للَّه ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى فمرها فلتصبر ولتحتسب"، ومنه يستفاد طلب الصبر على النوازل كلها والهموم والأسقام وسائر الأعراض. ومعنى أن للّه ما أخذ: أن العالم كله ملكه فلم يأخذ إلا ما هو له عندكم في معنى العارية، وله ما أعطى: أي ما وهبه لكم إذ لم يخرج عن ملكه فيفعل فيه ما يشاء، وكل شيء عنده بأجل مسمى، أي فلا يمكن تقديمه عليه ولا تأخيره عنه، فمن أعلم هذا أداه إلى أن يصبر ويحتسب.

ومن البدع التى يدور أمرها بين الحرمة والكراهة وغالبها أن تكون حرامًا (الرثاء) بتلك القصائد التى ينشدها الشعراء عند حضور الجنازة في المسجد قبل الصلاة عليها أو بعدها قبل رفعها، وكثيرًا ما تكون عقب دفن الميت في القبر.

فإن المعنى الذى لأجله حرمت النياحة على الميت حتى صارت به من الكبائر يتحقق في كثير من مراثى شعراء اليوء، فإنه لعدم وقوفهم عند حدود الدين أو جهلهم به ترى النابغين منهم ينهجون في مراثيهم نهج

<<  <   >  >>