للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أمر ندب وقد أجمع العلماء عليه، وكرهوا الإكثار عليه والموالاة لئلا يضجر، إلى آخر ما قال: وهذا كله في التلقين عند الاحتضار.

ويستحب أن يقول الذى يضعه في قبره: بسم اللّه وعلى ملة رسول اللّه، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: إذا وضعتم موتاكم في القبور فقولوا: بسم اللَّه وعلى ملة رسول اللَّه" رواه أحمد وأبو داود عن عمر.

وأما التلقين بعد الدفن فقد ورد فيه أثر عن راشد بن سعد وحمزة بن حبيب وحكيم بن عمير من التابعين قالوا: "إذا سوى على الميت قبره وانصرف الناس عنه كانوا يستحبون أن يقال للميت عند قبره: يا فلان قل: لا إله إلَّا اللّه، أشهد أن لا إله إلَّا اللّه ثلاث مرات، يا فلان قل: ربى الله، ودينى الإسلام، ونبيى محمد - صلى الله عليه وسلم - ثم ينصرف". وقد روى نحو هذا الأثر مرفوعًا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - من حديث أبى إمامة عند الطبرانى وعبد العزيز الحنبلى في "الشافى" وفيه زيادة.

ونقول: أما الأثر المذكور فقد سكت عن رواته بعض الحفاظ ولم يتكلم فيه بجرح أو تعديل وجزم ابن حزم بضعف راشد وهو أحد رواته. وأما الحديث المروى عن أبى أمامة فقد اختلف في سنده فقال بعضهم: إسناده صالح، وقال بعضهم: في إسناده جماعة لا نعرفهم. وقد نص على ضعفه الحافظ ابن حجر العسقلانى والحافظ العراقي والإمام ابن القيم حتى من كان يستحسن التلقين كابن الصلاح

والنووى. رقد سئل الإمام أحمد عن هذا التلقين الذى يفعل بعد الدفن؟ فقال: ما رأيت أحدًا يفعله إلا أهل الشام حين مات أبو المغيرة.

ومن هذا تعلم أن التلقين يعد الدفن في دليله كلام وليس فيه حديث أو أثر خال من القدح في سنده بحسب ما رأينا، ومذهب الإمام مالك رحمه اللّه الكراهة لأنَّه لم يثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، واستحبه الإمام الشافعى رحمه اللّه عملًا بما روى فيه، ومذهب أبى حنيفة رحمه اللّه أنه ليس مسنونًا ولا مكرهًا فلا يأمر به لا ينهى عنه لأنَّه أمر لم يثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا ضرر في فعله فهو أمر لا خير فيه ولا شر.

(هذا): المستحب بلا شك بعد الدفن هو الدعاء للميت بالمغفرة والتثبيت عند السؤال لما روى أن رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - كان يفعله ويأمر به،

<<  <   >  >>