للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الترمذى وابن ماجه وما رواه البخارى عن النعمان بن بشير -رضي الله عنه- قال: "أغمى على عبد اللّه بن رواحة فجعلت أخته عمرة تبكى وتقول: واجبلاه واكذا واكذا تعدد عليه، فقال حين أفاق: ما قلت شيئًا إلا قيل لي: كنت كذا، فلما مات لم تبك عليه"، ورواه الطبرانى وفيه: "فقال: يا رسول الله أغمى على فصاحت النساء واعزاه، واجبلاه، فقام ملك ومعه مرزبة فجعلها بين رجلى فقال: أنت كما تقوله؟ فقلت: لا ولو قلت: نعم ضرينى بها"، وروى أيضًا أن معاذًا -رضى اللّه عنه- وقع له نظير ذلك أنه قال: ما زال ملك شديد الانتهار كلما قلت: واكذا قال: أكذلك أنت؟ فأقول: لا". وروى الترمذى وقال: حسن. غريب: "ما من ميت يموت فيقول باكيهم: واجبلاه، واسنداه أو نحو ذلك إلا وكل به ملكان يلهزانه أهكذا كنت؟ ". واللهز: الدفع بجميع اليد في الصدر أفاده في "الزواجر". فهذه الآثار ترشد إلى معنى التعذيب وأنَّه يعم كل ميت نيح عليه وإن لم يوص، بل لو أوصى بالترك، وقد علمت أن بعض الآثار صرح بأنه في القبر والبعض بأنه يوم القيامة فيستفاد وقوع السؤال فيهما والله أعلم.

(ومن المختلف فيه) تلقين الميت، ونحن نبين لك ما جاء فيه من الأحاديث والآثار وما يؤخذ منها من الأحكام، ثم أقوال الأئمة المجتهدين، لتكون على بصيرة فيه فنقول: عن معاذ -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "من كان آخر قوله: لا إله إلَّا الله دخل الجنة" رواه أحمد وأبو داود، وعن أبى سعيد -رضى اللّه عنه- عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لقنوا موتاكم لا إله إلَّا اللَّه" رواه أصحاب السنن ما عدا البخارى، ورواه ابن حبان عن أبى سعيد أيضًا بزيادة: "فإنه من كان آخر كلامه لا إله إلَّا الله دخل الجنة يومًا من الدهر وإن أصابه ما أصابه قبل ذلك". قال الإمام النووى في شرح الحديث: "لقنوا موتاكم": أي من حضره الموت. والمراد ذكروه لا إله إلَّا اللّه لتكون آخر كلامه كما في الحديث: "فإنه من كان آخر كلامه لا إله إلَّا الله دخل الجنة". ومن هذه الروايات يؤخذ ندب التلقين، قال الإمام النووى: والأمر بهذا التلقين

<<  <   >  >>