للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

لكلامين كلاما واحدا، وذلك أَنّ عَائِشَةَ قَالَتْ لَهُ أَيْضًا: هَلّا اسْتَخْرَجْته، أَيْ: هَلّا اسْتَخْرَجْت السّحْرَ مِنْ الْجُفّ وَالْمُشَاطَةِ، حَتّى يُنْظَرَ إلَيْهِ، فَلِذَلِكَ قَالَ: وَأَكْرَهُ أَنْ أُثِيرَ عَلَى النّاسِ شَرّا، قَالَ ابْنُ بَطّالٍ: كَرِهَ أَنْ يُخْرِجَهُ، فَيَتَعَلّمُ مِنْهُ بَعْضُ النّاسِ، فَذَلِكَ هُوَ الشّرّ الّذِي كَرِهَهُ.

قَالَ الْمُؤَلّفُ: وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الشّرّ غَيْرَ هَذَا، وَذَلِكَ أَنّ السّاحِرَ كَانَ مِنْ بَنِي زُرَيْقٍ، فَلَوْ أَظْهَرَ سِحْرَهُ لِلنّاسِ، وَأَرَاهُمْ إيّاهُ لَأَوْشَكَ أَنْ يُرِيدَ طَائِفَةٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ قَتْلَهُ، وَيَتَعَصّبَ لَهُ آخَرُونَ مِنْ عَشِيرَتِهِ فَيَثُورُ شَرّ كَمَا ثَارَ فِي حَدِيثِ الْإِفْكِ مِنْ الشّرّ مَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ.

وَقَوْلُ عَائِشَةَ: هَلّا اسْتَخْرَجْته هُوَ فِي حَدِيثَيْنِ رَوَاهُمَا الْبُخَارِيّ جَمِيعًا، وَأَمّا جَوَابُهُ لَهَا فِي حَدِيثِ: هَلّا تَنَشّرْت: بِقَوْلِهِ أَمّا أَنَا فَقَدْ شَفَانِي اللهُ، وَجَوَابُهُ لَهَا حِينَ قَالَتْ: هَلّا اسْتَخْرَجْته: بِأَنْ قَالَ: أَكْرَهُ أَنْ أُثِيرَ عَلَى النّاسِ شَرّا، فَلَمّا جَمَعَ الرّاوِي بَيْنَ الْجَوَابَيْنِ فِي حَدِيثٍ وَاحِدٍ اسْتَغْلَقَ الْكَلَامُ، وَإِذَا نَظَرْت الْأَحَادِيثَ مُتَفَرّقَةً تَبَيّنْت، وَعَلَى هَذَا النّحْوِ شَرَحَ هَذَا الْحَدِيثَ ابْنُ بَطّالٍ.

وَأَمّا الْفِقْهُ الّذِي أَشَرْنَا إلَيْهِ فَهُوَ إبَاحَةُ النّشْرَةِ «١» مِنْ قَوْلِ عَائِشَةَ:

هَلّا تَنَشّرْت، وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهَا قولها.


(١) النشرة: ضرب من الرقية والعلاج يعالج به من كان يظن أن به مسا من الجن، سميت نشرة، لأنه ينشر بها عنه ما خامره من الداء. وقال الحسن: نشرة من السحر، وقد نشرت عنه تنشيرا.

<<  <  ج: ص:  >  >>