للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وَرُوِيَ: مُشَاقَةٍ بِالْقَافِ، وَهِيَ مُشَاقَةُ الْكَتّانِ، وَجُفّ طَلْعَةٍ «١» ذَكَرٍ، هِيَ فُحّالُ النّخْلِ، وَهُوَ ذُكّارُهُ. وَالْجُفّ: غِلَافٌ لِلطّلْعَةِ، وَيَكُونُ لِغَيْرِهَا، وَيُقَالُ لِلْجُفّ الْقِيقَاءُ وَتُصْنَعُ مِنْهُ آنِيَةٌ يُقَالُ لَهَا: التّلَاتِلُ [جَمْعُ: تَلْتَلَةٍ] قَالَهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَدَفَنَهُ فِي بئرذى أروان، وأكثر أهل الحديث يقولون: ذروان تحت راعوفة البئر [أو أورعوفتها] ، وَهِيَ صَخْرَةٌ فِي أَسْفَلِهِ يَقِفُ عَلَيْهَا الْمَائِحُ «٢» ، وَهَذَا الْحَدِيثُ مَشْهُورٌ عِنْدَ النّاسِ، ثَابِتٌ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ، غَيْرَ أَنّي لَمْ أَجِدْ فِي الْكُتُبِ الْمَشْهُورَةِ: كَمْ لَبِثَ- رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِذَلِكَ السّحْرِ، حَتّى شُفِيَ مِنْهُ، ثُمّ وَقَعْت عَلَى الْبَيَانِ فِي جَامِعِ مَعْمَرِ بْنِ رَاشِدٍ. رَوَى مَعْمَرٌ عَنْ الزّهْرِيّ، قَالَ: سُحِرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَنَةً يُخَيّلُ إلَيْهِ أَنّهُ يَفْعَلُ الْفِعْلَ، وَهُوَ لَا يَفْعَلُهُ «٣» ، وَقَدْ طَعَنَتْ الْمُعْتَزِلَةُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَطَوَائِفُ مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ، وَقَالُوا لَا يَجُوزُ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ أَنْ يُسْحَرُوا، وَلَوْ جَازَ أَنْ يُسْحَرُوا، لَجَازَ أَنْ يُجَنّوا. وَنَزَعَ بعضهم بِقَوْلِهِ عَزّ وَجَلّ: وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ وَالْحَدِيثُ ثَابِتٌ خَرّجَهُ أَهْلُ الصّحِيحِ، وَلَا مَطْعَنَ فِيهِ مِنْ جِهَةِ النّقْلِ، وَلَا مِنْ جِهَةِ الْعَقْلِ، لِأَنّ الْعِصْمَةَ إنّمَا وَجَبَتْ لَهُمْ فِي عُقُولِهِمْ وَأَدْيَانِهِمْ، وَأَمّا أَبْدَانُهُمْ، فَإِنّهُمْ يُبْتَلَوْنَ فِيهَا، ويخلص إليهم بالجراحة والضرب والسموم والقتل،


(١) الطلعة: القطعة من طلع النخل، والطلع: غلاف يشق الكوز ينفتح عن حب منضود، فيه مادة إخصاب النخلة
(٢) الراعوفة أيضا صخرة تكون على رأس البئر يقوم عليها المستقى، والمائح: المستقى.
(٣) أليس التخيل تخليطا أو اختلاطا عقليا؟

<<  <  ج: ص:  >  >>