للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

تِلْكَ الْمَدِينَةِ تَنَازَعُوا قَبْلَ مَبْعَثِهِمْ فِي الْأَجْسَادِ وَالْأَرْوَاحِ: كَيْفَ تَكُونُ إعَادَتُهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَقَالَ قَوْمٌ: تُعَادُ الْأَجْسَادُ كَمَا كَانَتْ بِأَرْوَاحِهَا، كَمَا يَقُولُهُ أَهْلُ الْإِسْلَامِ، وَخَالَفَهُمْ آخَرُونَ، وَقَالُوا: تُبْعَثُ الْأَرْوَاحُ دُونَ الْأَجْسَادِ، كَمَا يَقُولُهُ النّصَارَى، وَشَرِيَ بَيْنَهُمْ الشّرّ، وَاشْتَدّ الْخِلَافُ، وَاشْتَدّ عَلَى مَلِكِهِمْ مَا نَزَلَ بِقَوْمِهِ مِنْ ذَلِكَ، فَلَبِسَ الْمُسُوحَ، وَافْتَرَشَ الرّمَادَ، وَأَقْبَلَ عَلَى الْبُكَاءِ وَالتّضَرّعِ إلَى اللهِ أَنْ يُرِيَهُ الْفَصْلَ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ، فَأَحْيَا اللهُ أَصْحَابَ الْكَهْفِ عِنْدَ ذَلِكَ، فَكَانَ مِنْ حَدِيثِهِمْ مَا عُرِفَ وَشُهِرَ، فَقَالَ الْمَلِكُ لِقَوْمِهِ: هَذِهِ آيَةٌ أَظْهَرَهَا اللهُ لَكُمْ لِتَتّفِقُوا، وَتَعْلَمُوا أَنّ اللهَ عَزّ وَجَلّ كَمَا أَحْيَا هَؤُلَاءِ، وَأَعَادَ أَرْوَاحَهُمْ إلَى أَجْسَادِهِمْ، فَكَذَلِكَ يُعِيدُ الْخَلْقَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَمَا بَدَأَهُمْ، فَرَجَعَ الْكُلّ إلَى مَا قَالَهُ الْمَلِكُ، وَعَلِمُوا أَنّهُ الْحَقّ.


- تنازعوا فى أمر الفتية طائفتان. إحداهما: قالت ما يقوله المسلم الذى يكل الأمر إلى الله، ولا يعدو على الغيب. إذ قالت: «ابنوا عليهم بنيانا» وعللت الأمر بكلمة مؤمنة، لا تصدر إلا عن مؤمن، وهى قولهم: «ربهم أعلم بهم» وفى كل لفظة هنا إشراقة من نور الإيمان القوى بالله. أما الاخرون، فقد وصفوا بغير ما يوصف به المؤمن التقى الخاشع، إذ وصفوا بأنهم: «غلبوا على أمرهم» فهم إذا أخذوا الأمر بالقهر والغلبة دون ترو أو نزوع إلى معرفة أمر الله، أو انعطاف إلى خشوع. ثم اقترحوا مصممين على ما اقترحوا: «لنتخذن عليهم مسجدا» هكذا بالتوكيد والقهر المستعلى. ووازن بين اقتراح الأولين وهو بناء بنيان عليهم، أى: سد باب الكهف تجده عملا إسلاميا، وبين اقتراح الاخرين، وهو اتخاذ مسجد، واتخاذ المساجد على القبور أمر لعنه الله ورسوله، وهو أشمل من إقامة مسجد

<<  <  ج: ص:  >  >>