الدّين البابلى والمحقق مَوْلَانَا الشَّيْخ على الشبرملسى وأجازوه بمروياتهم ثمَّ جلس للتدريس بالجامع الْأَزْهَر فدرس فِي مُخْتَصر خَلِيل وَشرح الألفية للمرادي وعقائد السنوسي وشروحها وَشرح الجُمَل للخونجي لِابْنِ عَرَفَة فِي الْمنطق ثمَّ رَحل إِلَى الرّوم فَدخل دمشق وَعقد بِجَامِع بني أُميَّة درساً وَأخذ عَنهُ جمَاعَة بهَا وَأَجَازَهُمْ ثمَّ دخل قسطنطينية الْعُظْمَى فَعَظمهُ مفتي السُّلْطَان يحيى المنقاري والوزير الْأَعْظَم أَحْمد باشا الكبرلي وَحضر تجاه السُّلْطَان الْأَعْظَم فبحث مَعَ الْعلمَاء وَعرفُوا فَضله ثمَّ عَاد إِلَى مصر وَولي بهَا تداريس فِي مدارس عديدة وَله مؤلفات مِنْهَا حَاشِيَته على أم الْبَرَاهِين نَحْو عشْرين كراساً وَشرح على التسهيل لِابْنِ مَالك ونظم لامية فِي إِعْرَاب الْجَلالَة جمع فِيهَا أقاويل النَّحْوِيين وَمَا لَهُم من الْكَلَام وَشَرحهَا شرحاً حسنا قلت قَرَأت عَلَيْهِ ليَالِي الْمَوْسِم آخر حججه متن السنوسية فِي علم العقائد فَكَانَ فِي التَّقْرِير دونه السَّيْل الهدار والعباب الزاخر التيار أمْلى فِي وُجُوه إِعْرَاب كلمة التَّوْحِيد أَرْبَعمِائَة وَخمسين وَجها بالتعديد فسبحان مفيض مَا شَاءَ على من شَاءَ وَله مؤلف فِي أصُول النَّحْو جعله على أسلوب الاقتراح للسيوطي أَتَى فِيهِ بِكَثِير من الغرائب النحوية أَجَاد فِيهِ وَجعله باسم مَوْلَانَا السُّلْطَان الْأَعْظَم مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم خَان وقرَّظ عَلَيْهِ عُلَمَاء الْقُسْطَنْطِينِيَّة مِنْهُم الْعَلامَة الْمولى يحيى أَفَنْدِي منقاري زَاده وَلَقَد أشرفني وَلَده الشَّيْخ عِيسَى ابْن الشَّيْخ يحيى على ذَلِك التصنيف فَرَأَيْت على ظهر الكراس الأول مِنْهُ تقريظ الأفندي الْمَذْكُور بِخَطِّهِ وَنَصه لَا يخفى على النَّاقِد الْبَصِير أَن هَذَا التَّحْرِير كنسج الْحَرِير مَا نسج على منواله فِي هَذَا الْعَصْر فِي النَّحْو ناح لطيف بمطالعته تَنْشَرِح الصُّدُور وتتلذذ الْأَرْوَاح انْتهى وَكَانَت لَهُ رَحمَه الله قُوَّة فِي الْبَحْث واستحضار للمسائل الغريبة وسعة حفظ مفرطة وبداهة جَوَاب لَا يضل صوب الصَّوَاب كَانَت وَفَاته رَحمَه الله فِي هَذِه السّنة الْمَذْكُورَة بقرية الطّور قَاصِدا مَكَّة فَدفن هُنَاكَ فَاسْتَأْذن وَلَده سَيِّدي عِيسَى صَاحب مصر فنبش عَنهُ وَنَقله إِلَى مصر وَدَفنه بالقرافة ثمَّ مَاتَ وَلَده الْمَذْكُور فِي الْفَصْل الْحَاصِل بِمصْر فِي السّنة الَّتِي بعْدهَا وَدفن هُنَاكَ أَيْضا رَحمَه الله رَحْمَة وَاسِعَة
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute