للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن الميتِ المجتهدِ، وليس هذا مِنْ تقليدِ الميتِ عنده، وإنَّما هو عملٌ بالظنِّ، وبهذا يصيرُ الخلافُ بينه وبين القومِ لفظيًا؛ فإِنَّهم يقولون: للميتِ قولٌ لم يمتْ، فليقلَّدْ، وهو يقول: لا قولَ للميتِ، ولكنَّ الحكايةَ عنه تُغَلِّبُ ظنَّ أنَّ هذا حكمُ الله" (١).

وما ذكره البنانيُّ، وإِنْ كان وجيهًا، إِلَّا أنَّه محلُّ نظرٍ؛ لأنَّ القائلين بمنعِ تقليدِ الميتِ يقولون: إِنَّ المجتهدَ إِذا ماتَ، بَطَلَ قولُه، ويؤكّدُ هذا: قولهم: إِنَّ اتفاقَ أهلِ العصرِ اللاحقِ على أحدِ قولي أهل العصرِ السابقِ، إِجماعٌ صحيحٌ (٢).

والذي يظهرُ لي أن الخلافَ في المسألةِ خلافٌ معنوي، له أثرُه في المسائلِ الأصوليةِ، والمسائلِ الفقهيةِ.

فمن المسائل الأصولية:

المسألة الأولى: إِذا انقسمَ أهلُ العصرِ إِلى قسمين، ثمَّ ماتَ أحدُهما، فهلْ يكون قولُ الباقين إِجماعًا؟

يتخرَّج الخلافُ في المسألة على الخلافِ في مسألةِ: (تقليد الميت) (٣).

المسألة الثانية: التمذهبُ بمذهب المجتهدِ الميتِ (٤). وسيأتي الحديثُ عن هذه المسألةِ استقلالًا.

المسألة الثالثة: إِفتاءُ غيرِ المجتهدِ بقولِ المجتهدِ الميتِ (٥). وسيأتي الحديثُ عن هذه المسألةِ استقلالًا.


(١) انظر: المصدر السابق.
(٢) انظر: المحصول في علم أصول الفقه للرازي (٤/ ١٣٨)، والحاصل من المحصول (٢/ ٧٠١)، والتحصيل من المحصول (٢/ ٦١).
(٣) انظر: نفائس الأصول (٦/ ٢٧٨٦).
(٤) انظر: العزيز شرح الوجيز للرافعي (١٢/ ٤٢٢)، والوصول إِلى قواعد الأصول للتمرتاشي (ص/ ٢٨٨).
(٥) انظر: الإِحكام في أصول الأحكام للآمدي (٤/ ٢٣٦)، ونهاية الوصول للهندي (٨/ ٣٨٨٣)، =

<<  <  ج: ص:  >  >>