للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدليل الثالث عشر: أنَّ الأصلَ جوازُ التقليدِ؛ لامتناعِ حصولِ شروطِ الاجتهادِ في كلِّ أحدٍ عادةً، تُرِك هذا الأصل فيمَن اجتهدَ، وظنَ الحكمَ؛ لظهورِ الصواب له بالفعلِ، فيبقى مَنْ عداه على الأصلِ، وهو جوازُ التقليدِ (١).

مناقشة الدليل الثالث عشر: قولكم: "الأصل جواز التقليد"، غيرُ مسلّمٍ؛ لأنَّ التقليدَ أخذٌ بغيرِ دليلٍ.

وقولكم: "لامتناع حصول شروط الاجتهاد في كل أحد عادة"، لا يجيزُ التقليدَ للمجتهدِ، ثمَّ الكلامُ فيمَن اجتمعتْ فيه شروطُ الاجتهادِ (٢).

أدلةُ أصحاب القول الثالث: استدلَّ أصحابُ القول الثالث (القائلون بجواز تقليد المجتهد للأعلم فقط، دون المساوي والأدون) بأدلةٍ، منها:

الدليل الأول: قال الله تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} (٣).

وجه الدلالة: أنَّ المجتهدَ قبلَ اجتهادِه لا يعلمُ الحُكْمَ، ومَنْ لا يعلمُ الحكمَ يسألُ أهلَ الذّكرِ، وهم المجتهدون، ولا يسأل مَنْ يساويه في العلمِ، فضلًا عمَّنْ هو دونه؛ لأنَّه لا مزيةَ للمساوي عليه، بلْ يسألُ مَنْ هو أعلمُ منه؛ لزيادةِ علمِه.

مناقشة وجه الدلالة: تقدمتْ مناقشةُ الاستدلالِ بهذه الآية الكريمة في أدلةِ أصحابِ القول الثاني.

الدليل الثاني: قولُ عبدِ الرحمن بن عوف لعثمانَ بن عفان - رضي الله عنهما -:


(١) انظر: شرح مختصر الروضة (٣/ ٦٣٣).
(٢) انظر: المصدر السابق.
(٣) وردت الآية في موضعين في القرآن: الأول: من الآية (٤٣) من سورة النحل. والثاني: ومن الآية (٧) من سورة الأنبياء.

<<  <  ج: ص:  >  >>