للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تقولُ يا أبا الحسنِ؟ ). فقالَ: (إنْ كانوا قالوا برأيهم، فقد أخطأَ رأيُهم، وإنْ كان قالوا في هواك، فلم ينصحوا لك، أرى أنْ ديته عليك، فإنَّك أفزعتها ... ). فأَمَرَ عمرُ عليًا أنْ يقسمَ عقلَه (١) على قريشٍ (٢).

وجه الدلالة: أن عمرَ بن الخطاب - رضي الله عنه - وهو مِنْ أهلِ الاجتهادِ قلَّد عليًا - رضي الله عنه - (٣)، ولم يُنكر عليه أحدٌ، فكانَ إجماعًا (٤).

رابعًا: ما جاءَ مِنْ أنَّ عمرَ بن الخطاب - رضي الله عنه - سأل عبدَ الله بن مسعود - رضي الله عنه - عن مسألةٍ في الصرفِ؟ فأجابَ فيها بأنَّه لا بأسَ به. فقال عمر: (لكنّي أكرهُه). فقال ابنُ مسعود: (قد كرهتُه إذ كرهتَه) (٥).

وجه الدلالة: أنَّ عبدَ الله بن مسعود - رضي الله عنه - وهو مِنْ أهلِ الاجتهادِ، تَرَكَ قولَه تقليدًا لعمرَ - رضي الله عنه - (٦).

مناقشة الدليل الخامس: لا نُسلّمُ انعقادَ إجماعِ الصحابةِ - رضي الله عنهم - على


(١) العقل: الدية. انظر: القاموس المحيط، مادة: (عقل)، (ص/ ١٣٣٦).
(٢) جاء أثر عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - من طريق الحسن، وأخرجه: عبدُ الرزاق في: المصنف، كتاب: العقول، باب: من أفزعه السلطان (٩/ ٤٥٧)، برقم (١٨٠١٠)؛ والبيهقيُّ في: السنن الكبرى، كتاب: الإجارة، باب: الإمام يضمن والمعلم يغرم (٦/ ١٢٣).
والأثر منقطع، يقول ابن الملقن في: البدر المنير (٨/ ٤٩٤): "هذا منقطع؛ الحسن لم يدرك عمر".
وانظر: التلخيص الحبير لابن حجر (٥/ ٢٦٧٤).
وذكر البيهقي في: السنن الكبرى، كثاب: الأشربة والحد فيها، باب: الشارب يضرب زيادة على الأربعين (٨/ ٣٢٢) أنَّ الإمام الشافعي بلغه عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، فذكر الأثر.
(٣) انظر: العدة (٤/ ١٢٣٤).
(٤) انظر: الإحكام في أصول الأحكام للآمدي (٤/ ٢٠٧).
(٥) ذكر أثر عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - عدد من الأصوليين - كما سيأتي توثيقه في حاشية وجه الدلالة منه - ولم أقف عليه مسندًا - فيما رجعت إليه من مصادر - ولم أقف على ذكر له في غير كتب أصول الفقه، ويغني في الاستدلال عنه قول ابن مسعود - رضي الله عنه -: (إنَّ عمر كره الصلاة بعد العصر، وإني أكره ما كره عمر). وسيأتي تخريج هذا الأثر.
(٦) انظر: الفصول في الأصول للجصاص (٤/ ٢٨٤)، والتمهيد في أصول الفقه لأبي الخطاب (٤/ ٤١٥)، والمحصول في علم أصول الفقه للرازي (٤/ ٣٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>