للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدليل الأول: أنَّ مَنْ لا معرفةَ له بطُرُقِ الاجتهادِ، وأدلةِ الفقهِ التفصيليةِ، وردِّ الفروعِ إلى أدلتِها، فإنَّه يجري في الفقهِ وأحكامِ الشرعِ مجرى العامي؛ لأنَّهما لا يعرفانِ أدلةَ الأحكام على التفصيلِ، والعامي لا يُعْتَدُّ بقولِه، فكذا الأصولي (١).

يقولُ أبو إسحاقَ الشيرازي: "لأنَّه - أي: الأصولي - يَعْرِفُ أنَّ الأمرَ يقتضي الوجوبَ، وله صيغةٌ، وأنَّه قد يقتضي الندبَ، وكذلك يَعْرِفُ استنباطَ العللِ، وما يصحُّ منها وما لا يصحُّ على طريقِ الإجمالِ، وأمَّا إذا سُئِلَ عن مسألة مِنْ مسائلِ الاجتهادِ مِن الفروعِ، فإنَّه لا يَعْلَمُ دليلَ تلك المسألةِ، لا مِنْ جهةِ النطقِ، ولا مِن جهةِ الاستنباطِ" (٢).

مناقشة الدليل الأول: إذا عَرَفَ المتمذهبُ أصولَ الفقه أمكنه ردّ الفروعِ إلى أصولِها (٣).

الجواب عن المناقشة: ليس كلُّ مَنْ عَرَفَ أصولَ الفقه أَمْكَنَه أنْ يَرُدَّ الفروعَ إلى أصولِها، بل لا بُدَّ مِنْ معرفةِ معانيها ونظائرِها حتى يقيسَ عليها (٤).

الدليل الثاني: أنَّ أهلَ الإجماعِ هم مَنْ كانت معهم آلةُ الاجتهادِ التي يُتَوَصَّلُ بها إلى معرفةِ الحُكْمِ - بأنْ يَعْرِفَ القياسَ وأحكامَ المسائل وعللها حتى يقيس نظائرها عليها - ومَنْ لا يَعْرِفُ أحكامَ الفروعِ، وأدلتها التفصيلية، لا يتمكنُ مِنْ هذا، فلا يكون مِنْ أهلِ الإجماعِ، ويكونُ شأنُه شأنَ مَنْ عَرَفَ اللغةَ والحسابَ وغيرَ هذا مِنْ أنواعِ العلومِ (٥).


(١) انظر: العدة (٤/ ١١٣٧)، والتبصرة (ص/ ٣٧١)، والمنخول (ص/ ٣١١)، والواضح في أصول الفقه (٥/ ١٨١)، وشرح المعالم لابن التلمساني (٢/ ١٠٦).
(٢) شرح اللمع (٢/ ٧٢٤ - ٧٢٥)
(٣) انظر: العدة (٤/ ١١٣٧).
(٤) انظر: المصدر السابق.
(٥) انظر: المصدر السابق، وشرح اللمع (٢/ ٧٢٤)، وروضة الناظر (٢/ ٤٥٦)، والبحر المحيط (٤/ ٤٦٦)، وتشنيف المسامع (٣/ ٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>