اعلم أنه يجب النظر في هذا الباب، خوفا مما يوهمه إعراضه عما يجب إعلال الحديث به: من كونه ثقة عنده، ولا سيما إذا كان من يرى ذلك من لا علم عنده بهذا الشأن، فهذا يسرع إلى اعتقاد انحصار علة الخبر فيمن نبه عليه من رواته دون من سواه.
ولعل علته إنما هي فيما ترك التنبيه عليه، وقد تكون الجناية منه، لا ممن نبه عليه.
وسترى فيه أحاديث يذكرها من طريق أبي أحمد، فيعل الحديث منها بذكر رجل، وأبو أحمد قد أعله به وذكره في بابه، وذكره أيضا في باب غيره، وجوز أن تكون الجناية فيه منه، ويقتصر أبو محمد على أحدهما، وما ذاك إلا لأنه لم يبحث عنه في باب آخر، بعد أن وجده في باب من نبه عليه، فهو بفعله هذا، يعصب الجناية برأس أحدهما، ولعل الذي اعترى الخبر من وهم، أو وضع، أو زيادة، أو نقص، من غيره، لا منه، ورب ملوم لا ذنب له.
ونهاية ما يعتذر به لأبي محمد أن يقال: إنه بذكره من هو علة للخبر قد أسقط به الخبر وأبطله، وكونه من رواية ضعيف آخر، لا يزيد في هذا الحكم، فلذلك اكتفى به.
وهذا عذر ضعيف، فإنه قد يعل الخبر بمن لا يراه غيره علة له، ويترك من هو عنده علة، فقد التحق عمله هذا من هذا الوجه، برميه الأخبار بالضعف من غير أن يذكر عللها، وهذا إذا قبل منه فقد قلد في رأيه، وليس ذلك بجائز، وإنما تقبل منه روايته لا رأيه.
والذي يعتري أبا محمد هذا فيه من الأحاديث، هو قسمان:
قسم إنما يذكر الأحاديث فيه بغير أسانيدها، ثم يعمد من إسناد الحديث