للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شَاءَ إلَّا أَنْ يَكُونَ خُرُوجُهُ بِإِحْدَاهُنَّ عَلَى وَجْهِ الْمَيْلِ لَهَا عَلَى مَنْ مَعَهَا مِنْ نِسَائِهِ، أَلَا تَرَى أَنَّ الرَّجُلَ قَدْ تَكُونُ لَهُ الْمَرْأَةُ ذَاتُ الْوَلَدِ وَذَاتُ الشَّرَفِ وَهِيَ صَاحِبَةُ مَالِهِ وَمُدَبِّرَةُ ضَيْعَتِهِ، فَإِنْ خَرَجَ بِهَا فَأَصَابَهَا السَّهْمُ ضَاعَ ذَلِكَ مِنْ مَالِهِ وَوَلَدِهِ وَدَخَلَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ، وَلَعَلَّ مَعَهَا مَنْ لَيْسَ لَهَا ذَلِكَ الْقَدْرُ وَلَا تِلْكَ الثِّقَةُ وَإِنَّمَا يُسَافِرْ بِهَا لِخِفَّةِ مُؤْنَتِهَا وَلِقِلَّةِ مَنْفَعَتِهَا فِيمَا يَخْلُفُهَا لَهُ مِنْ ضَيْعَتِهِ وَأَمْرِهِ وَحَاجَتِهِ إلَيْهَا وَفِي قِيَامِهَا عَلَيْهِ فَمَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ عَلَى غَيْرِ ضَرَرٍ وَلَا مِيلٍ فَلَا أَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ سَافَرَتْ هِيَ إلَى حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَوْ ضَيْعَةٍ لَهَا وَأَقَامَ زَوْجُهَا مَعَ صَاحِبَتِهَا، ثُمَّ قَدِمَتْ فَابْتَغَتْ أَنْ يَقْسِمَ لَهَا عَدَدَ الْأَيَّامِ الَّتِي أَقَامَ مَعَ صَاحِبَتِهَا؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا شَيْءَ لَهَا

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ جَارَ مُتَعَمِّدًا فَأَقَامَ عِنْدَ إحْدَاهُمَا شَهْرًا فَرَفَعَتْهُ الْأُخْرَى إلَى السُّلْطَانِ وَطَلَبَتْ مِنْهُ أَنْ يُقِيمَ عِنْدَهَا بِقَدْرِ مَا جَارَ بِهِ عِنْدَ صَاحِبَتِهَا، أَيَكُونُ ذَلِكَ لَهَا أَمْ لَا وَهَلْ يَجْبُرُهُ السُّلْطَانُ عَلَى أَنْ يُقِيمَ عِنْدَهَا عَدَدَ الْأَيَّامِ الَّتِي جَارَ فِيهَا؟

قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا إلَّا أَنِّي أَرَى أَنْ يُزْجَرَ عَنْ ذَلِكَ وَيَسْتَقْبِلَ الْعَدْلَ فِيمَا بَيْنَهُمَا فَإِنْ عَادَ نُكِّلَ، وَلَقَدْ سَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ الْعَبْدِ يَكُونُ نِصْفُهُ حُرًّا وَنِصْفُهُ مَمْلُوكًا فَيَأْبَقُ عَنْ سَيِّدِهِ إلَى بِلَادٍ فَيَنْقَطِعُ عَنْهُ عَمَلُهُ الَّذِي كَانَ لِلسَّيِّدِ فِيهِ، ثُمَّ يَقْدِرُ عَلَيْهِ فَيُرِيدُ السَّيِّدُ أَنْ يُحَاسِبَهُ فِي الْأَيَّامِ الَّتِي غَيَّبَ نَفْسَهُ فِيهَا وَاسْتَأْثَرَ بِهَا لِنَفْسِهِ، قَالَ مَالِكٌ: لَيْسَ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا يَسْتَقْبِلُ الْخِدْمَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَيِّدِهِ مِنْ يَوْمِ يَجِدُهُ، فَهَذَا يُبَيِّنُ لَكَ أَمَرَ الْمَرْأَتَيْنِ، وَهَذَا كَانَ أَحْرَى أَنْ يُؤْخَذَ مِنْهُ تِلْكَ الْأَيَّامُ الَّتِي غَيَّبَ نَفْسَهُ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ لِلسَّيِّدِ.

قُلْتُ: وَمَا عِلَّةُ مَالِكٍ هَهُنَا حِينَ لَمْ يَحْسِبْ ذَلِكَ عَلَى الْعَبْدِ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: هُوَ إذًا عَبْدٌ كُلُّهُ

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا كَانَتْ عِنْدَهُ امْرَأَةٌ فَكَرِهَهَا، فَأَرَادَ فِرَاقَهَا فَقَالَتْ: لَا تُفَارِقْنِي وَاجْعَلْ أَيَّامِي كُلَّهَا لِصَاحِبَتَيَّ وَلَا تَقْسِمْ لِي شَيْئًا أَوْ تَزَوَّجْ عَلِيّ وَاجْعَلْ أَيَّامِي كُلَّهَا لِلَّتِي تَتَزَوَّجُ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ وَلَا يَقْسِمُ لَهَا شَيْئًا.

قُلْتُ: أَرَأَيْت إنْ أَعْطَتْهُ هَذَا ثُمَّ شَحَّتْ عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ، فَقَالَتْ افْرِضْ لِي؟

قَالَ: ذَلِكَ لَهَا مَتَى مَا شَحَّتْ عَلَيْهِ قَسَمَ لَهَا أَوْ يُفَارِقُهَا إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بِهَا حَاجَةٌ وَهَذَا رَأْيِي قَالَ: فَقُلْنَا لِمَالِكٍ فَالْمَرْأَةُ يَتَزَوَّجُهَا الرَّجُلُ وَيَشْتَرِطُ عَلَيْهَا أَنَّهُ يُؤْثِرُ مَنْ عِنْدَهُ عَلَيْهَا، يَقُولُ لَهَا عَلَى هَذَا أَتَزَوَّجُكَ وَلَا شَرْطَ لَكَ عَلِيِّ فِي مَبِيتِكَ؟

قَالَ: لَا خَيْرَ فِي هَذَا النِّكَاحِ، وَإِنَّمَا يَكُونُ هَذَا الشَّرْطُ بَعْدَ وُجُوبِ النِّكَاحِ فِي أَنْ يُؤْثِرَ عَلَيْهَا فَيُخَيِّرَهَا فِي أَنْ تُقِيمَ أَوْ يُفَارِقَهَا، فَيَجُوزُ هُنَا فَأَمَّا مَنْ اشْتَرَطَ ذَلِكَ فِي عُقْدَةِ النِّكَاحِ فَلَا خَيْرَ فِي ذَلِكَ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ وَقَعَ النِّكَاحُ عَلَى هَذَا؟

قَالَ: أَفْسَخُهُ قَبْلَ الْبِنَاءِ بِهَا وَإِنْ بَنَى بِهَا أَجَزْتُ النِّكَاحَ وَأَبْطَلْتُ الشَّرْطَ وَجَعَلْتُ لَهَا لَيْلَتَهَا.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>