للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لُسِبْتُ من الصُّدغ الجنيِّ بعقربٍ ... له بين ورد الوجنتين دبيبُ

لئن عاد لي عيد اللَّواعج غرَّةً ... فإن فؤادي للغرامِ نسيبُ

وعنوانُ حالي لو رأى بثَّ بعضهِ ... شُحوبٌ ومن دون الشُّحوبِ وجِيبُ

لحا الله قلبي كم تنازعه الرَّدى ... لحاظٌ لها في صفحتيه نُدوبُ

يلَذُّ الهوى لا دَرَّ دَرُّ أبي الهوى ... وحسبك منه زفرةٌ ونحيبُ

أُدرِّجُ أنفاسي مخافة كاشحٍ ... وأُطرق كيما لا يقال مريبُ

أدين بكتمان الهوى فيذيعُهُ ... فؤادٌ وطرفٌ خافقٌ وسكوبُ

وقالوا غَوِيٌّ لا يتوب وآثمٌ ... وما علموا حوباً فكيف نتوبُ

بحسب التَّوافي من عفافي زاجرٌ ... ومن صونه عمَّا يريب قريبُ

أُجلُّك أن أُبدي هواك علالةً ... ولكن لسان العاشقين خطيبُ

وله من قصيدة، أولها:

نَهْنِه دوالح جفنك المقروح ... وأرحْ طلائح قلبك المجروحِ

ودع الهوى طلق العنان لأهله ... وارْبَأْ بنفسك عن رباه الفيحِ

فلرُبَّما ضاق الفضاءُ بأهله ... ولربَّما سُدَّت مهافي الرِّيحِ

كم ذا تبيتُ مسهَّداً ترعى السُّها ... متململاً من لاعج التبريحِ

كم ذا تصُدُّ عن النَّصيح عمايةً ... وترى وليَّ النُّصح غير نصيحِ

وممنِّعِ كابن الغزالة دونه ... غابا حمًى من ذبَّلٍ وصفيحِ

لم يعتلق مضناه منه بزورةٍ ... تشفي ولا فتكه بمريحِ

لو شئت لا شئت المعادَ إلى الهوى ... لرأيتني بالروح غير شحيحِ

ورأيت آرام الصَّريمِ سوانحاً ... في مجلسي وصوادراً في سوحِي

ورأيتني ضمَّت على متنسِّكٍ ... متعفِّفٍ حين اللقاء كشوحي

وله من أخرى، مستهلها:

وفتًى يرفُّ بمثل ثوب نضارِ ... وعثاعثٍ ترتجُّ تحت إزارِ

أمَّا محيَّاه الوسيم فإنه ... منح القلوب ومطمح الأنظارِ

شفعت ذوائبه الدُّجى وجبينه ... بهر الهلال عشيَّة الإفطارِ

يرنو بأكحل كالجراز فيا له ... من أسودٍ ذي أبيضٍ بتارِ

تبدو له أسد العرين ظواهراً ... فيعيدها أخفى من الأسرارِ

صنمٌ تخرُّ له البطارق سجُّداً ... ليجيرهم فيهيلهم في النَّارِ

إن قلت بدرٌ رابني بسفوره ... أو قلت ريمٌ راعني بنفارِ

لو أنكرت منِّي هواه جوارحي ... فشحوب جسماني به إقراري

لم أنسه واللَّيل بحرٌ مزبدٌ ... بنجومه وأديمه من قارِ

وإذا به وافى يفوح كأنَّما ... زرَّت غلائله على عطَّارِ

صدع الدُّجنَّة فارياً ديجورها ... عن بدر تمٍّ مشرق الأنوارِ

وافتَّر يبسم عن ثنايا وامضٍ ... بلآلئٍ نسق النَّظام صغارِ

قلت: صغر الأسنان ممدوح، قال ابن النبيه:

ولم أرَ قبل مبسمه ... صغير الجوهر المثمنِ

واعتذر عن كبرها القائل:

يفتَّرُّ عن مثل نظم الدُّرِّ أتقنه ... بحسن تأليفه في النَّظم متقنهُ

عابوا كبار ثناياه فقلت لهم ... الدُّرُّ أكبره في العين أثمنهُ

تتمة الأبيات:

علَّت بخرطومٍ كميتٍ سلسلٍ ... لا مزَّةٍ كلا ولا مصطارِ

روح بلا جسمٍ ولكن جوهرٌ ... متصدِّفٌ بالقار والفخَّارِ

لو عبَّ ساقيها دجًى في كأسها ... لرأيت بدراً لسَّ شمس نهارِ

حمراء تحسبها عقيقة بارقٍ ... إن لم تكنها فهي جذوة نارِ

مسكيَّةٌ فكأنها دم شادنٍ ... يحتَّل من كاساتها في قارِ

منها في المديح:

<<  <  ج: ص:  >  >>