في عمدة القارىء (فِي لَيْلَةٍ بَارِدَةٍ) وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ (فِي اللَّيْلَةِ الْبَارِدَةِ أَوِ الْمَطِيرَةِ) وَفِي أُخْرَى لَهُ (إِذَا كَانَتْ ذَاتُ بَرْدٍ وَمَطَرٍ) وَفِي صَحِيحِ أَبِي عَوَانَةَ لَيْلَةٌ بَارِدَةٌ وَذَاتُ مَطَرٍ أَوْ ذَاتُ رِيحٍ وَفِيهِ أَنَّ كُلًّا مِنَ الثَّلَاثَةِ عذر في التأخر عن الجماعة
ونقل بن بَطَّالٍ فِيهِ الْإِجْمَاعَ لَكِنِ الْمَعْرُوفُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّ الرِّيحَ عُذْرٌ فِي اللَّيْلِ فَقَطْ
وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ اخْتِصَاصُ الثَّلَاثَةِ بِاللَّيْلِ
وَفِي حَدِيثِ الْبَابِ من طريق بن إِسْحَاقَ عَنْ نَافِعٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فِي اللَّيْلَةِ الْمَطِيرَةِ وَالْغَدَاةِ الْقَرَّةِ وَفِيهَا بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الْمُلَيْحِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُمْ مُطِرُوا يَوْمًا فَرَخَّصَ لَهُمْ كَمَا تَقَدَّمَ وَكَذَلِكَ في حديث بن عَبَّاسٍ الْآتِي فِي الْبَابِ فِي يَوْمٍ مَطِيرٍ قَالَ الْحَافِظُ وَلَمْ أَرَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَحَادِيثِ التَّرْخِيصَ لِعُذْرِ الرِّيحِ فِي النَّهَارِ صَرِيحًا (أَنِ الصَّلَاةُ فِي الرِّحَالِ) فِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ ثُمَّ يَقُولُ عَلَى أَثَرِهِ يَعْنِي أَثَرَ الْأَذَانِ أَلَا صَلُّوا فِي الرِّحَالِ وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْقَوْلَ الْمَذْكُورَ كَانَ بَعْدَ فَرَاغِ الْأَذَانِ
وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ بِلَفْظِ فِي آخِرِ نِدَائِهِ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ فِي آخِرِهِ قُبَيْلَ الْفَرَاغِ مِنْهُ جَمْعًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ حديث بن عباس الآتي في الباب وحمل بن خزيمة حديث بن عَبَّاسٍ عَلَى ظَاهِرِهِ وَقَالَ إِنَّهُ يُقَالُ ذَلِكَ بَدَلًا مِنَ الْحَيْعَلَةِ نَظَرًا إِلَى الْمَعْنَى لِأَنَّ مَعْنَى حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ هَلُمُّوا إِلَيْهَا وَمَعْنَى الصَّلَاةِ فِي الرِّحَالِ تَأَخَّرُوا عَنِ الْمَجِيءِ فَلَا يُنَاسِبُ إِيرَادُ اللَّفْظَيْنِ مَعًا لِأَنَّ أَحَدَهُمَا نَقِيضُ الْآخَرِ
قَالَ الْحَافِظُ وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ مَا ذُكِرَ بِأَنْ يَكُونَ مَعْنَى الصَّلَاةِ فِي الرِّحَالِ رُخْصَةٌ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَتَرَخَّصَ وَمَعْنَى هَلُمُّوا إِلَى الصَّلَاةِ نَدْبٌ لِمَنْ أراد أن يستكمل الفضيلة ولو يحمل الْمَشَقَّةِ وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ حَدِيثُ جَابِرٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ قَالَ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ فَمُطِرْنَا فَقَالَ لِيُصَلِّ مَنْ شَاءَ مِنْكُمْ فِي رَحْلِهِ وَالرِّحَالُ قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ الرَّحْلُ الْمَنْزِلُ وَجَمْعُهُ رِحَالٌ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ حَجَرٍ أَوْ مَدَرٍ أَوْ خَشَبٍ أَوْ وَبَرٍ أَوْ صُوفٍ أَوْ شَعْرٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ
وَفِي فَتْحِ الْبَارِي وَالصَّلَاةُ فِي الرَّحْلِ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ بِجَمَاعَةٍ أَوْ مُنْفَرِدًا لَكِنَّهَا مَظِنَّةُ الِانْفِرَادِ وَالْمَقْصُودُ الْأَصْلِيُّ فِي الْجَمَاعَةِ إِيقَاعُهَا فِي الْمَسْجِدِ