للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى مَا يَجْرِي بَيْنَ الْمُتَخَاصِمِينَ مِنْ كَلَامِ تَشَاجُرٍ وَتَنَازُعٍ وَإِنْ خَرَجَ بِهِمُ الْأَمْرُ فِي ذَلِكَ إِلَى أَنْ يَنْسُبُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ صَاحِبَهُ فِيمَا يَدَّعِيهِ قِبَلَهُ إِلَى خِيَانَةٍ وَفُجُورٍ وَاسْتِحْلَالٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنَ الْأُمُورِ فَإِنَّهُ لَا حُكُومَةَ بَيْنَهُمَا فِي ذَلِكَ

وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الصَّالِحَ الْمَظْنُونَ بِهِ الصِّدْقُ وَالصَّالِحُ الْمَوْهُومُ بِهِ الْكَذِبُ فِي ذَلِكَ الْحُكْمِ سُوًى وَأَنَّهُ لَا يُحْكَمُ لَهُمَا وَلَا عَلَيْهِمَا إِلَّا بِالْبَيِّنَةِ الْعَادِلَةِ أَوِ الْيَمِينِ انْتَهَى

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ

([٣٢٤٦] بَاب مَا جَاءَ فِي تَعْظِيمِ الْيَمِينِ عِنْدَ مِنْبَرِ النبي)

صلى الله عليه وسلم (عَلَى يَمِينٍ آثِمَةٍ) أَيْ كَاذِبَةٍ سُمِّيَتْ بِهَا كَتَسْمِيَتِهَا فَاجِرَةً اتِّسَاعًا حَيْثُ وُصِفَتْ بِوَصْفِ صَاحِبِهَا أَيْ ذَاتِ إِثْمٍ (وَلَوْ عَلَى سِوَاكٍ أَخْضَرَ) إِنَّمَا خَصَّ الرَّطْبَ لِأَنَّهُ كَثِيرُ الْوُجُودِ لَا يُبَاعُ بِالثَّمَنِ وَهُوَ لَا يَكُونُ كَذَلِكَ إِلَّا فِي مَوَاطِنِ نَبَاتِهِ بِخِلَافِ الْيَابِسِ فَإِنَّهُ قَدْ يُحْمَلُ مِنْ بَلَدٍ إِلَى بَلَدٍ فَيُبَاعُ

قَالَهُ الشَّوْكَانِيُّ (أَوْ وَجَبَتْ لَهُ النَّارُ) شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي أَوْ لِلتَّنْوِيعِ بِأَنْ يَكُونَ الْأَوَّلُ وَعِيدًا لِلْفَاجِرِ وَالثَّانِي لِلْكَافِرِ

وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى عَظَمَةِ إِثْمِ مَنْ حَلَفَ عَلَى مِنْبَرِهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ كَاذِبًا

قَالَ الشَّوْكَانِيُّ وَقَدِ اسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى جَوَازِ التَّغْلِيظِ عَلَى الْحَالِفِ بِمَكَانٍ مُعَيَّنٍ كالحرم والمسجد ومنبره صلى الله عليه وَسَلَّمَ وَبِالزَّمَانِ كَبَعْدِ الْعَصْرِ وَيَوْمِ الْجُمُعَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ

وَقَدْ ذَهَبَ إِلَى ذَلِكَ الْجُمْهُورُ كَمَا حَكَاهُ فِي الْفَتْحِ وَذَهَبَتِ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى عَدَمِ جَوَازِ التَّغْلِيظِ بِذَلِكَ وَعَلَيْهِ دَلَّتْ تَرْجَمَةُ الْبُخَارِيُّ فَإِنَّهُ قَالَ فِي الصَّحِيحِ بَابُ يَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَيْثُمَا وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْيَمِينُ انْتَهَى

وَذَهَبَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَى أَنَّ ذَلِكَ مَوْضِعُ اجْتِهَادٍ لِلْحَاكِمِ

وَقَدْ وَرَدَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ طَلَبُ التَّغْلِيظِ عَلَى خُصُومِهِمْ فِي الْأَيْمَانِ بِالْحَلِفِ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْمَقَامِ وَعَلَى مِنْبَرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَوَرَدَ عَنْ بَعْضِهِمُ الِامْتِنَاعُ مِنَ الْإِجَابَةِ إِلَى ذَلِكَ وَرُوِيَ عَنْ بَعْضِ الصحابة التحليف على الصحف

وقد قال بن رَسْلَانَ إِنَّهُمْ لَمْ يَخْتَلِفُوا فِي جَوَازِ التَّغْلِيظِ عَلَى الذِّمِّيِّ قَالَ الشَّوْكَانِيُّ فَغَايَةُ مَا يَجُوزُ التغليظ به

<<  <  ج: ص:  >  >>