[٤٤٩] (حَتَّى يَتَبَاهَى النَّاسُ فِي الْمَسَاجِدِ) أَيْ يَتَفَاخَرَ فِي شَأْنِهَا أَوْ بِنَائِهَا يَعْنِي يَتَفَاخَرُ كُلُّ أَحَدٍ بِمَسْجِدِهِ وَيَقُولُ مَسْجِدِي أَرْفَعُ أَوْ أَزْيَنُ أَوْ أَوْسَعُ أَوْ أَحْسَنُ رِيَاءً وَسُمْعَةً وَاجْتِلَابًا للمدحة
قال بن رَسْلَانَ هَذَا الْحَدِيثُ فِيهِ مُعْجِزَةٌ ظَاهِرَةٌ لِإِخْبَارِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَمَّا سَيَقَعُ بَعْدَهُ فَإِنَّ تَزْوِيقَ الْمَسَاجِدِ وَالْمُبَاهَاةُ بِزَخْرَفَتِهَا كَثُرَ مِنَ الْمُلُوكِ وَالْأُمَرَاءِ فِي هَذَا الزَّمَانِ بِالْقَاهِرَةِ وَالشَّامِ وَبَيْتِ الْمَقْدِسِ بِأَخْذِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ ظُلْمًا وَعِمَارَتِهِمْ بِهَا الْمَدَارِسَ عَلَى شَكْلٍ بَدِيعٍ نَسْأَلُ اللَّهَ السَّلَامَةَ وَالْعَافِيَةَ انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ النسائي وبن مَاجَهْ
[٤٥٠] (حَيْثُ كَانَ طَوَاغِيتُهُمْ) هِيَ جَمْعُ طَاغُوتَ وَهُوَ بَيْتُ الصَّنَمِ الَّذِي كَانُوا يَتَعَبَّدُونَ فِيهِ لِلَّهِ تَعَالَى وَيَتَقَرَّبُونَ إِلَيْهِ بِالْأَصْنَامِ عَلَى زَعْمِهِمْ
وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي الْعَاصِ الْمَذْكُورُ هُوَ الثَّقَفِيُّ أَمَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ حِينَ اسْتَعْمَلَهُ عَلَى الطَّائِفِ
وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ جَعْلِ الْكَنَائِسِ وَالْبِيَعِ وَأَمْكِنَةِ الْأَصْنَامِ مَسَاجِدُ وَكَذَلِكَ فَعَلَ كَثِيرٌ مِنَ الصَّحَابَةِ حِينَ فَتَحُوا الْبِلَادَ جَعَلُوا مُتَعَبَّدَاتِهِمْ مُتَعَبَّدَاتٍ لِلْمُسْلِمِينَ وَغَيَّرُوا مَحَارِيبِهَا
وَإِنَّمَا صُنِعَ هَذَا لَانْتَهَاكِ الْكُفْرِ وَإِيذَاءِ الْكُفَّارِ حَيْثُ عَبَدُوا غَيْرَ اللَّهِ هُنَا
وَقَدْ عَمِلَ عَلَى هَذِهِ السُّنَّةِ مَلِكُ الْهِنْدِ السُّلْطَانُ الْعَادِلُ عَالِمٌ كَبِيرٌ رَحِمَهُ اللَّهُ حَيْثُ بَنَى عِدَّةَ مَسَاجِدٍ فِي مَعْبَدِ الْكُفَّارِ خَذَلَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى
قال المنذري والحديث أخرجه بن مَاجَهْ
[٤٥١] (كَانَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) أَيْ فِي زَمَانِهِ وَأَيَّامِهِ (مَبْنِيًّا بِاللَّبِنِ) بِفَتْحِ اللَّامِ وَكَسْرِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَيُقَالُ اللَّبِنَةُ بِكَسْرِ اللَّامِ وَسُكُونِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَهِيَ مَا يُعْمَلُ مِنَ الطِّينِ يَعْنِي الطُّوبَ وَالْآجُرَّ النِّيءَ وَهُوَ بِضَمِّ الْجِيمِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ (الْجَرِيدِ) أَيْ جَرِيدِ النَّخْلِ وَهُوَ الَّذِي يُجَرَّدُ عَنْهُ الْخُوصُ أَيِ الْوَرَقِ وَمَعْنَاهُ بِالْفَارِسِيَّةِ شاخ درخت خرما برك دور كرده (وَعَمَدُهُ) بِفَتْحِ العين
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute