للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

قال الحافظ في الفتح قال بن بَطَّالٍ اسْتَدَلَّ الْبُخَارِيُّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قالوا الحق عَلَى أَنَّ قَوْلَ اللَّهِ قَدِيمٌ لِأَنَّهُ قَائِمٌ بِصِفَاتِهِ لَمْ يَزَلْ مَوْجُودًا بِهِ وَلَا يَزَالُ كَلَامُهُ لَا يُشْبِهُ الْمَخْلُوقِينَ خِلَافًا لِلْمُعْتَزِلَةِ الَّتِي نَفَتْ كَلَامَ اللَّهِ تَعَالَى

وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي كِتَابِ الِاعْتِقَادِ الْقُرْآنُ كَلَامُ اللَّهِ وَكَلَامُ اللَّهِ صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِ ذَاتِهِ وَلَيْسَ شَيْءٌ مِنْ صِفَاتِ ذَاتِهِ مَخْلُوقًا وَلَا مُحْدَثًا وَلَا حَادِثًا قَالَ تَعَالَى إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أن نقول له كن فيكون فَلَوْ كَانَ الْقُرْآنُ مَخْلُوقًا لَكَانَ مَخْلُوقًا بِكُنْ وَيَسْتَحِيلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُ اللَّهِ لِشَيْءٍ بِقَوْلٍ لِأَنَّهُ يُوجِبُ قَوْلًا ثَانِيًا وَثَالِثًا فَيَتَسَلْسَلُ وَهُوَ فَاسِدٌ وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى الرَّحْمَنُ

عَلَّمَ الْقُرْآنَ

خلق الإنسان فَخَصَّ الْقُرْآنَ بِالتَّعْلِيمِ لِأَنَّهُ كَلَامُهُ وَصِفَتُهُ وَخُصَّ الْإِنْسَانَ بِالتَّخْلِيقِ لِأَنَّهُ خَلْقُهُ وَمَصْنُوعُهُ وَلَوْلَا ذَلِكَ لَقَالَ خَلَقَ الْقُرْآنَ وَالْإِنْسَانَ

وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى وكلم الله موسى تكليما وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ كَلَامُ الْمُتَكَلِّمِ قَائِمًا بِغَيْرِهِ

وَقَالَ تَعَالَى وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يكلمه الله إلا وحيا الْآيَةُ فَلَوْ كَانَ لَا يُوجَدُ إِلَّا مَخْلُوقًا فِي شَيْءٍ مَخْلُوقٍ لَمْ يَكُنْ لِاشْتِرَاطِ الْوُجُوهِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْآيَةِ مَعْنًى لِاسْتِوَاءِ جَمِيعِ الْخَلْقِ فِي سَمَاعِهِ مِنْ غَيْرِ اللَّهِ فَبَطَلَ قَوْلُ الْجَهْمِيَّةِ إِنَّهُ مَخْلُوقٌ فِي غَيْرِ اللَّهِ وَيَلْزَمُهُمْ فِي قَوْلِهِمْ إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ كَلَامًا فِي شَجَرَةٍ كَلَّمَ بِهِ مُوسَى أَنْ يَكُونَ مَنْ سَمِعَ كَلَامَ اللَّهِ مِنْ مَلَكٍ أَوْ نَبِيٍّ أَفْضَلَ فِي سَمَاعِ الْكَلَامِ مِنْ مُوسَى يَلْزَمُهُمْ أَنْ تَكُونَ الشَّجَرَةُ هِيَ الْمُتَكَلِّمَةُ بِمَا ذَكَرَ اللَّهُ أَنَّهُ كَلَّمَ بِهِ مُوسَى وَهُوَ قَوْلُهُ إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فاعبدني وَقَدْ أَنْكَرَ اللَّهُ تَعَالَى قَوْلَ الْمُشْرِكِينَ إِنْ هذا إلا قول

ــ

[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]

قَالَ إِسْحَاق وَلَا يَدَعهُ إِلَّا مُبْتَدِع أَوْ ضَعِيف الرَّأْي

فَإِنْ قِيلَ فَكَيْف تَصْنَعُونَ فِيمَا رَوَاهُ النَّسَائِيُّ أَخْبَرَنِي إِبْرَاهِيم بْن يَعْقُوب حَدَّثَنِي عُمَر بْن حَفْص بْن غِيَاث حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا الْأَعْمَش حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاق حَدَّثَنَا مُسْلِم الْأَغَرّ قَالَ سَمِعْت أَبَا هُرَيْرَة وَأَبَا سَعِيد الخدري رضي الله عنهما يَقُولَانِ قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّه يُمْهِل حَتَّى يَمْضِي شَطْر اللَّيْل الْأَوَّل ثُمَّ يَأْمُر مُنَادِيًا يُنَادِي وَيَقُول هَلْ مِنْ دَاعٍ يُسْتَجَاب لَهُ هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِر يُغْفَر لَهُ هَلْ مِنْ سَائِل يُعْطَى وَهَذَا الْإِسْنَاد ثِقَات كُلّهمْ

قُلْنَا وَأَيّ مُنَافَاة بَيْن هَذَا وَبَيْن قَوْله يَنْزِل رَبّنَا فَيَقُول وَهَلْ يَسُوغ أَنْ يُقَال إِنَّ الْمُنَادِي يَقُول أَنَا الْمَلِك وَيَقُول لَا أَسْأَل عَنْ عِبَادِي غَيْرِي وَيَقُول مَنْ يَسْتَغْفِرنِي فَأَغْفِر لَهُ وَأَيّ بُعْد فِي أَنْ يَأْمُر مُنَادِيًا يُنَادِي هَلْ مِنْ سَائِل فَيُسْتَجَاب لَهُ ثُمَّ يَقُول هُوَ سُبْحَانه مَنْ يَسْأَلنِي فَأَسْتَجِيب لَهُ وَهَلْ هَذَا إِلَّا أَبْلَغ فِي الْكَرَم وَالْإِحْسَان أَنْ يَأْمُر مُنَادِيه يَقُول ذَلِكَ وَيَقُولهُ سُبْحَانه بِنَفْسِهِ وَتَتَصَادَق الرِّوَايَات كُلّهَا عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا نُصَدِّق بَعْضهَا وَنُكَذِّب مَا هُوَ أَصَحّ مِنْهُ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيق

<<  <  ج: ص:  >  >>