وَثَانِيهِمَا مَا كَانَ عَلَى وَجْهِ التَّعَنُّتِ وَهُوَ السُّؤَالُ عَمَّا لَمْ يَقَعْ وَلَا دَعَتْ إِلَيْهِ حاجة فسكوت النبي فِي مِثْلِ هَذَا عَنْ جَوَابِهِ رَدْعٌ لِسَائِلِهِ وإن أجاب عنه كان تغليظ له فيكون بسببه تغليظ عَلَى غَيْرِهِ وَإِنَّمَا كَانَ هَذَا مِنْ أَعْظَمِ الْكَبَائِرِ لِتَعَدِّي جِنَايَتِهِ إِلَى جَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ وَلَا كذلك غيره
كذا قال بن الْمَلَكِ فِي الْمَبَارِقِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ
(عَائِذَ اللَّهِ) بِالنَّصْبِ اسْمُ أَبِي إِدْرِيسَ (أَنَّ يَزِيدَ بْنَ عَمِيرَةَ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَكَسْرِ الْمِيمِ وَخَبَرُ أَنَّ قَوْلُهُ أَخْبَرَهُ وَقَوْلُهُ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ جُمْلَةٌ مُعْتَرِضَةٌ بين اسم أن وخبرها (قَالَ كَانَ) أَيْ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ (لِلذِّكْرِ) أَيِ الْوَعْظِ (اللَّهُ حَكَمٌ قِسْطٌ) أَيْ حَاكِمٌ عَادِلٌ (هَلَكَ الْمُرْتَابُونَ) أَيِ الشَّاكُّونَ (إِنَّ مِنْ وَرَائِكُمْ) أَيْ بَعْدَكُمْ (فِتَنًا) بِكَسْرٍ فَفَتْحٍ جَمْعُ فِتْنَةٍ وَهِيَ الِامْتِحَانُ وَالِاخْتِبَارُ بِالْبَلِيَّةِ (وَيُفْتَحُ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ وَهُوَ كِنَايَةٌ عَنْ شُيُوعِ إِقْرَاءِ الْقُرْآنِ وَقِرَاءَتِهِ وَكَثْرَةِ تِلَاوَتِهِ لِأَنَّ مِنْ لَازِمِ شُيُوعِ الْإِقْرَاءِ وَالْقِرَاءَةِ وَكَثْرَةِ التِّلَاوَةِ أَنْ يُفْتَحَ الْقُرْآنُ
وَالْمَعْنَى أَنَّ فِي أَيَّامِ هَذِهِ الْفِتَنِ يَشِيعُ إِقْرَاءُ الْقُرْآنِ وَقِرَاءَتُهُ وَيَرُوجُ تِلَاوَتُهُ بِحَيْثُ يَقْرَؤُهُ الْمُؤْمِنُ وَالْمُنَافِقُ وَالرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ وَالْكَبِيرُ وَالصَّغِيرُ وَالْعَبْدُ وَالْحُرُّ (حَتَّى أَبْتَدِعَ لَهُمْ) أَيْ أَخْتَرِعَ لَهُمُ الْبِدْعَةَ (غَيْرَهُ) أَيْ غَيْرَ الْقُرْآنِ وَيَقُولُ ذَلِكَ لَمَّا رَآهُمْ يَتْرُكُونَ الْقُرْآنَ وَالسُّنَّةَ وَيَتَّبِعُونَ الشَّيْطَانَ وَالْبِدْعَةَ (فَإِيَّاكُمْ وَمَا ابْتَدَعَ) أَيِ احْذَرُوا مِنْ بِدْعَتِهِ (فَإِنَّ مَا ابْتُدِعَ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ أَوِ الْمَعْلُومِ (زَيْغَةَ الْحَكِيمِ) أَيِ انْحِرَافَ الْعَالِمِ عَنِ الْحَقِّ
وَالْمَعْنَى أُحَذِّرُكُمْ مِمَّا صَدَرَ مِنْ لِسَانِ الْعُلَمَاءِ مِنَ الزَّيْغَةِ وَالزَّلَّةِ وَخِلَافِ الْحَقِّ فَلَا تَتَّبِعُوهُ (قَالَ قُلْتُ) ضَمِيرُ قَالَ رَاجِعٌ إِلَى يَزِيدَ (مَا يُدْرِينِي) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ أَيْ أَيُّ شَيْءٍ يُعْلِمُنِي (رَحِمَكَ اللَّهُ) جُمْلَةٌ مُعْتَرِضَةٌ دُعَائِيَّةٌ (أَنَّ الْحَكِيمَ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ مَفْعُولٌ ثَانٍ لِيُدْرِينِي (قَالَ) أَيْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute