للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فَقَتَلْنَاهُ ثُمَّ اجْتَرَرْنَاهُ إِلَخْ) قَالَ الطِّيِبِيُّ فِيهِ دِلَالَةٌ عَلَى أَنَّ قَتْلَهُ هَذَا لِلْإِهَانَةِ وَالصَّغَارُ لَا يَلِيقُ بِحَالِ الْمُسْلِمِ وَإِنِ ارْتَكَبَ الْكَبَائِرَ فَإِنَّهُ قَدْ يُعَزَّرُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ لَا سِيَّمَا بَعْدَ إِقَامَةِ الْحَدِّ وَتَطْهِيرِهِ فَلَعَلَّهُ ارْتَدَّ وَوَقَفَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ارْتِدَادِهِ كَمَا فَعَلَ بِالْعُرَنِيِّينَ مِنَ الْمُثْلَةِ وَالْعُقُوبَةِ الشَّدِيدَةِ وَلَعَلَّ الرَّجُلَ بَعْدَ الْقَطْعِ تَكَلَّمَ بِمَا يُوجِبُ قَتْلَهُ انتهى

ذكره القارىء قَالَ الْخَطَّابِيُّ لَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنَ الْفُقَهَاءِ يبيح

ــ

[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]

أَبُو بَكْر كَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْلَم بِهَذَا حِين قَالَ اُقْتُلُوهُ ثُمَّ دَفَعَهُ إِلَى فِتْيَة مِنْ قُرَيْش لِيَقْتُلُوهُ مِنْهُمْ عَبْد اللَّه بْن الزُّبَيْر وَكَانَ يُحِبّ الْإِمَارَة فَقَالَ أَمِّرُونِي عَلَيْكُمْ فَأَمَّرُوهُ عَلَيْهِمْ فَكَانَ إِذَا ضَرَبَ ضَرَبُوهُ حَتَّى قَتَلُوهُ

قَالَ النَّسَائِيُّ وَلَا أَعْلَم فِي هَذَا الْبَاب حَدِيثًا صَحِيحًا

وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ مِنْ قَتْل شَارِب الْخَمْر بَعْد الرَّابِعَة فَقَدْ قَالَ طَائِفَة مِنْ الْعُلَمَاء إِنَّ الْأَمْر بِقَتْلِهِ فِي الرَّابِعَة مَتْرُوك بِالْإِجْمَاعِ وَهَذَا هُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ التِّرْمِذِيّ وَغَيْره

وَقِيلَ هُوَ مَنْسُوخ بِحَدِيثِ عَبْد اللَّه بْن حِمَار أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَقْتُلهُ فِي الرَّابِعَة

وَقَالَ الْإِمَام أَحْمَد وَقَدْ قِيلَ لَهُ لِمَ تَرَكْته فَقَالَ لِحَدِيثِ عُثْمَان لَا يَحِلّ دَم اِمْرِئٍ مُسْلِم إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاث

وَفِي ذَلِكَ كُلّه نَظَر

أَمَّا دَعْوَى الْإِجْمَاع عَلَى خِلَافه فَلَا إِجْمَاع

قَالَ عَبْد اللَّه بْن عُمَر وَعَبْد اللَّه بْن عَمْرو اِئْتُونِي بِهِ فِي الرَّابِعَة فَعَلَيَّ أَنْ أَقْتُلهُ وَهَذَا مَذْهَب بَعْض السَّلَف

وَأَمَّا اِدِّعَاء نَسْخه بِحَدِيثِ عَبْد اللَّه بْن حِمَار

فَإِنَّمَا يَتِمّ بِثُبُوتِ تَأَخُّره وَالْإِتْيَان بِهِ بَعْد الرَّابِعَة وَمُنَافَاته لِلْأَمْرِ بِقَتْلِهِ

وَأَمَّا دَعْوَى نَسْخه بِحَدِيثِ لَا يَحِلّ دَم اِمْرِئٍ مُسْلِم إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاث فَلَا يَصِحّ لِأَنَّهُ عَامّ وَحَدِيث الْقَتْل خَاصّ

وَاَلَّذِي يَقْتَضِيه الدَّلِيل أَنَّ الْأَمْر بِقَتْلِهِ لَيْسَ حَتْمًا وَلَكِنَّهُ تَعْزِيز بِحَسَبِ الْمَصْلَحَة فَإِذَا أَكْثَر النَّاس مِنْ الْخَمْر وَلَمْ يَنْزَجِرُوا بِالْحَدِّ فَرَأَى الْإِمَام أَنْ يُقْتَل فِيهِ قُتِلَ وَلِهَذَا كَانَ عمر رضي الله عنه يَنْفِي فِيهِ مَرَّة وَيَحْلِق فِيهِ الرَّأْس مَرَّة وَجَلَدَ فِيهِ ثَمَانِينَ وَقَدْ جَلَدَ فِيهِ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْر رضي الله عنه أَرْبَعِينَ

فَقَتْله فِي الرَّابِعَة لَيْسَ حَدًّا وَإِنَّمَا هُوَ تَعْزِيز بِحَسَبِ الْمَصْلَحَة وَعَلَى هَذَا يَتَخَرَّج حَدِيث الْأَمْر بِقَتْلِ السَّارِق إِنْ صَحَّ وَاللَّهُ أعلم

<<  <  ج: ص:  >  >>