تَرَوْنَهُ أَحَقَّ بِهَذِهِ الْخَمِيصَةِ
وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارَيِّ مَنْ تَرَوْنَ نَكْسُوا هَذِهِ الْخَمِيصَةَ (فَأُتِيَ بِهَا) فِيهِ الْتِفَاتٌ
وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ فَأُتِيَ بِيَ النَبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَأَلْبَسَهَا) أَيْ أُمَّ خَالِدٍ (إِيَّاهَا) أَيِ الْخَمِيصَةَ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ إِيَّاهُ بِالتَّذْكِيرِ بِتَأْوِيلِ الثَّوْبِ (ثُمَّ قَالَ أَبْلِي وَأَخْلِقِي) قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ أَبْلِي بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ وَكَسْرِ اللَّامِ أَمْرٌ بِالْإِبْلَاءِ وَكَذَا قَوْلُهُ أَخْلِقِي بِالْمُعْجَمَةِ وَالْقَافِ أَمْرٌ بِالْإِخْلَاقِ وَهُمَا بِمَعْنًى والعرَبُ تُطْلِقُ ذَلِكَ وَتُرِيدُ الدُّعَاءَ
بِطُولِ الْبَقَاءِ لِلْمُخَاطَبِ بِذَلِكَ أَيْ أَنَّهَا تَطُولُ حَيَاتُهَا حَتَّى يَبْلَى الثَّوْبُ وَيَخْلَقُ قَالَ الْخَلِيلُ أَبْلِ وَأَخْلِقْ مَعْنَاهُ عِشْ وَخَرِّقْ ثِيَابَكَ وَأَرْقِعْهَا
قَالَ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي زَيْدٍ المروزي عن الفربري وأخلقي بِالْفَاءِ وَهِيَ أَوْجَهُ مِنِ الَّتِي بِالْقَافِ لِأَنَّ الأولى تستلزم التأكيد إذا الْإِبْلَاءُ وَالْإِخْلَاقُ بِمَعْنًى لَكِنْ جَازَ الْعَطْفُ لِتَغَايُرِ اللَّفْظَيْنِ وَالثَّانِيَةُ تُفِيدُ مَعْنًى زَائِدًا وَهُوَ أَنَّهَا إذا أبلته أخلقت غَيْرَهُ وَيُؤَيِّدُهَا مَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ قَالَ كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا لَبِسَ أَحَدُهُمْ إِلَخِ انْتَهَى
(أَحْمَرَ أَوْ أَصْفَرَ) وَفِي رِوَايَةِ البُخَارِيِّ أَخْضَرَ بَدَلَ أَحْمَرَ والشَّكُّ مِنَ الرَّاوِي (وَيَقُولُ) أَيْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (سَنَاهْ سَنَاهْ) بِفَتْحِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَالنُّونِ وَبَعْدَ الْأَلِفِ هَاءٌ سَاكِنَةٌ أَيْ حَسَنٌ حَسَنٌ
وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ هَذَا سَنَاهْ وَالْمُشَارُ إِلَيْهِ عَلَمُ الْخَمِيصَةِ (وَسَنَاهْ فِي كَلَامِ الْحَبَشَةِ الْحَسَنُ) قَالَ الْقَسْطَلَّانِيُّ وَكَلَّمَهَا عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بِلِسَانِ الْحَبَشَةِ لِأَنَّهَا وُلِدَتْ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ انْتَهَى
قَالَ السُّيُوطِيُّ قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ بن الصلاح قد استخرج بعض المشائخ لِلُبْسِ الْخِرْقَةِ أَصْلًا مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ وَقَدْ أَشَارَ بِذَلِكَ إِلَى السُّهْرَوَرْدِيِّ فَإِنَّهُ ذَكَرَهُ فِي عَوَارِفِ الْمَعَارِفِ فَقَالَ وَأَصْلُ لُبْسِ الْخِرْقَةِ هَذَا الْحَدِيثُ قَالَ وَلُبْسُ الْخِرْقَةِ ارْتِبَاطٌ بَيْنَ الشَّيْخِ والمريد فيكون لبس الخرفة عَلَامَةً لِلتَّفْوِيضِ وَالتَّسْلِيمِ فِي حُكْمِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِحْيَاءِ سُنَّةِ الْمُبَايَعَةِ ثُمَّ قَالَ وَلَا خَفَاءَ فِي أَنَّ لُبْسَ الْخِرْقَةِ عَلَى الْهَيْئَةِ الَّتِي يَعْتَمِدُهَا الشُّيُوخُ فِي هَذَا الزَّمَانِ لَمْ يَكُنْ فِي زَمَنِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ رأينا من المشائخ من لا يلبس الخرفة وَكَانَ طَبَقَةٌ مِنَ السَّلَفِ الصَّالِحِينَ لَا يَعْرِفُونَ الْخِرْقَةَ وَلَا يُلْبِسُونَ الْمُرِيدِينَ فَمَنْ يَلْبَسْهَا فَلَهُ مَقْصِدٌ صَحِيحٌ وَمَنْ لَمْ يَلْبَسْهَا فَلَهُ رَأْيُهُ وكل تصاريف المشائخ مَحْمُولَةٌ عَلَى السَّدَادِ وَالصَّوَابِ وَلَا تَخْلُو عَنْ نِيَّةٍ صَالِحَةٍ
قَالَ السُّيُوطِيُّ وَقَدِ اسْتَنْبَطْتُ لِلْخِرْقَةِ أَصْلًا أَوْضَحَ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ وَهُوَ مَا أخرجه
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute