(فَشَكَوْنَا) أَيِ الْكُفَّارَ (أَلَا تَدْعُو اللَّهَ لَنَا) أَيْ عَلَى الْمُشْرِكِينَ فَإِنَّهُمْ يُؤْذُونَنَا (مُحْمَرًّا وَجْهُهُ) أَيْ مِنْ أَثَرِ النَّوْمِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ من الغضب وبه جزم بن التِّينِ قَالَهُ الْحَافِظُ (فَيُحْفَرُ لَهُ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ أَيْ يُجْعَلُ لَهُ حُفْرَةٌ (بِالْمِنْشَارِ) بِكَسْرِ الْمِيمِ هُوَ آلَةٌ يُشَقُّ بِهَا الْخَشَبَةُ (فَيُجْعَلُ فِرْقَتَيْنِ) أَيْ يُجْعَلُ الرَّجُلُ شِقَّيْنِ يَعْنِي يُقْطَعُ نِصْفَيْنِ (مَا يَصْرِفُهُ ذَلِكَ) أَيْ لَا يَمْنَعُهُ ذَلِكَ الْعَذَابُ الشَّدِيدُ (وَيُمْشَطُ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ (بِأَمْشَاطِ الْحَدِيدِ) جمع المشط وهو ما يتشط بِهِ الشَّعْرُ وَهُوَ بِالْفَارِسِيَّةِ شانه (مَا دُونَ عَظْمِهِ مِنْ لَحْمٍ وَعَصَبٍ) وَالْمَعْنَى مَا عِنْدَ عَظْمِهِ وَمِنْ بَيَانِيَّةٌ وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ مَا دُونَ لَحْمِهِ مِنْ عَظْمٍ أَوْ عَصَبٍ قَالَ القارىء أَيْ مَا تَحْتَ لَحْمِ ذَلِكَ الرَّجُلِ أَوْ غَيْرِهِ وَهُوَ الظَّاهِرُ
وَقَالَ الطِّيبِيُّ مِنْ بَيَانٌ لِمَا وَفِيهِ مُبَالَغَةٌ بِأَنَّ الْأَمْشَاطَ لِحِدَّتِهَا وَقُوَّتِهَا كَانَتْ تَنْفُذُ مِنَ اللَّحْمِ إِلَى الْعَظْمِ وَمَا يَلْتَصِقُ بِهِ مِنَ الْعَصَبِ (وَاللَّهِ) الْوَاوُ لِلْقَسَمِ (لَيُتِمَّنَّ اللَّهُ) بِضَمِّ حَرْفِ الْمُضَارَعَةِ وَكَسْرِ التَّاءِ (هَذَا الْأَمْرَ) أَيْ أَمْرَ الدِّينِ (الرَّاكِبُ) أَيْ رَجُلٌ أَوِ امْرَأَةٌ وَحْدَهُ (مَا بَيْنَ صَنْعَاءَ) بَلَدٍ بِالْيَمَنِ (وَحَضْرَمَوْتَ) هُوَ مَوْضِعٌ بِأَقْصَى الْيَمَنِ وَهُوَ بِفَتْحِ الْمِيمِ غَيْرُ مُنْصَرِفٍ لِلتَّرْكِيبِ وَالْعَلَمِيَّةِ وَقِيلَ اسْمُ قَبِيلَةٍ وَقِيلَ مَوْضِعٌ حَضَرَ فِيهِ صَالِحٌ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَمَاتَ فِيهِ وَحَضَرَ جِرْجِيسُ فَمَاتَ فِيهِ كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ (مَا يَخَافُ إِلَّا اللَّهَ) لِعَدَمِ خَوْفِ السَّرِقَةِ وَنَحْوِهِ (وَالذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ) أَيْ مَا يَخَافُ إِلَّا الذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ
وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ مِنَ الْمُبَالَغَةِ فِي حُصُولِ الْأَمْنِ وَزَوَالِ الْخَوْفِ (وَلَكِنَّكُمْ تَعْجَلُونَ) أَيْ سَيَزُولُ عَذَابُ الْمُشْرِكِينَ فَاصْبِرُوا عَلَى أَمْرِ الدِّينِ كَمَا صَبَرَ مَنْ سَبَقَكُمْ
قَالَ بن بَطَّالٍ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ مَنْ أُكْرِهَ عَلَى الْكُفْرِ وَاخْتَارَ الْقَتْلَ أَنَّهُ أَعْظَمُ أَجْرًا عِنْدَ اللَّهِ مِمَّنِ اخْتَارَ الرُّخْصَةَ وَأَمَّا غَيْرُ الْكُفْرِ فَإِنْ أُكْرِهَ عَلَى أَكْلِ الْخِنْزِيرِ مَثَلًا فَالْفِعْلُ أَوْلَى انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَالنَّسَائِيُّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute