للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

جَدَّدَ نِيَّةً أُخْرَى وَلَيْسَ لِلِاعْتِكَافِ ذِكْرٌ مَخْصُوصٌ وَلَا فِعْلٌ آخَرُ سِوَى اللُّبْثِ فِي الْمَسْجِدِ بِنِيَّةِ الِاعْتِكَافِ وَلَوْ تَكَلَّمَ بِكَلَامِ دُنْيَا أَوْ عَمِلَ صَنْعَةً مِنْ خِيَاطَةٍ أَوْ غَيْرِهَا لَمْ يَبْطُلِ اعْتِكَافُهُ

وَقَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالْأَكْثَرُونَ يُشْتَرَطُ فِي الِاعْتِكَافِ الصَّوْمُ فَلَا يَصِحُّ اعْتِكَافُ مُفْطِرٍ

(كَانَ يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ) قَالَ الْقَسْطَلَّانِيُّ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُنْسَخْ وَأَنَّهُ مِنَ السُّنَنِ الْمُؤَكَّدَةِ خُصُوصًا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ لِطَلَبِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ (ثُمَّ اعْتَكَفَ أَزْوَاجُهُ مِنْ بَعْدِهِ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ النِّسَاءَ كَالرِّجَالِ فِي الِاعْتِكَافِ وَقَدْ كَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَذِنَ لبعضهن وأما إنكاره عليهن الاعتكاف بعد اذن كَمَا فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ فَلِمَعْنًى آخَرَ فَقِيلَ خَوْفَ أَنْ يَكُنَّ غَيْرَ مُخْلِصَاتٍ فِي الِاعْتِكَافِ بَلْ أَرَدْنَ الْقُرْبَ مِنْهُ لِغَيْرَتِهِنَّ عَلَيْهِ أَوْ ذَهَابُ الْمَقْصُودِ مِنَ الِاعْتِكَافِ بِكَوْنِهِنَّ مَعَهُ فِي الْمُعْتَكَفِ أَوْ لِتَضْيِيقِهِنَّ الْمَسْجِدِ بِأَبْنِيَتِهِمْ

وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ إِنَّمَا يَصِحُّ اعْتِكَافُ الْمَرْأَةِ فِي مَسْجِدِ بَيْتِهَا وَهُوَ الْمَوْضِعُ الْمُهَيَّأُ فِي بَيْتِهَا لِصَلَاتِهَا انْتَهَى

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ

(فَلَمْ يَعْتَكِفْ عَامًا فَلَمَّا كَانَ فِي الْعَامِ الْمُقْبِلِ اعْتَكَفَ عِشْرِينَ لَيْلَةً) قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِيهِ مِنَ الْفِقْهِ أَنَّ النَّوَافِلَ الْمُعْتَادَةَ تُقْضَى إِذَا فَاتَتْ كَمَا تُقْضَى الْفَرَائِضُ

وَمِنْ هَذَا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

ــ

[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]

قال الحافظ شمس الدين بن القيم رحمه اللَّه وَرَوَى النَّسَائِيّ فِي سُنَنه عَنْ أُبَيّ بن كعب أن رسول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَعْتَكِف الْعَشْر الْأَوَاخِر مِنْ رَمَضَان فَسَافَرَ عَامًا فَلَمْ يَعْتَكِف فَلَمَّا كَانَ الْعَام الْمُقْبِل اِعْتَكَفَ عِشْرِينَ وَفِي رِوَايَةٍ لَيْلَة

وَهَذَا أَوْلَى مِنْ الِاحْتِمَال الْمَذْكُور

وَقَالَ بَعْضهمْ يُحْتَمَل أَنْ يَكُون هَذَانِ الْعَشْرَانِ الْمَذْكُورَانِ فِي حَدِيث أَبِي دَاوُدَ هِيَ الْعَشْر الَّذِي كَانَ يَعْتَكِفهُ وَالْعَشْر الَّذِي تَرَكَهُ مِنْ أَجْلِ أَزْوَاجه ثُمَّ اِعْتَكَفَ مِنْ شَوَّال عِشْرِينَ لَيْلَة وَهَذَا فَاسِدٌ فَإِنَّ الْحَدِيث حَدِيث أُبَيّ بْن كَعْب وَقَدْ أَخْبَرَ أَنَّهُ إِنَّمَا تَرَكَهُ لِسَفَرِهِ

وَبِاَللَّهِ التوفيق

<<  <  ج: ص:  >  >>