لِلصَّدْرِ (مِنَ الصَّبْرِ) وَذَلِكَ لِأَنَّ مَقَامَ الصَّبْرِ أَعْلَى الْمَقَامَاتِ لِأَنَّهُ جَامِعٌ لِمَكَارِمِ الصِّفَاتِ وَالْحَالَاتِ كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ
وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ قَالَهُ الْمُنْذِرِيُّ
[١٦٤٥] (وَهَذَا حَدِيثُهُ) أَيْ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ
وَالْمَعْنَى أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ دَاوُدَ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْمُبَارَكِ كِلَاهُمَا يَرْوِيَانِ عَنْ بَشِيرِ بْنِ سَلْمَانَ وَهَذَا لفظ بن الْمُبَارَكِ دُونَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دَاوُدَ (مَنْ أَصَابَتْهُ فَاقَةٌ) أَيْ حَاجَةٌ شَدِيدَةٌ وَأَكْثَرُ اسْتِعْمَالِهَا فِي الْفَقْرِ وَضِيقِ الْمَعِيشَةِ (فَأَنْزَلَهَا بِالنَّاسِ) أَيْ عَرَضَهَا عَلَيْهِمْ وَأَظْهَرَهَا بِطَرِيقِ الشِّكَايَةِ لَهُمْ وَطَلَبَ إِزَالَةَ فَاقَتِهِ مِنْهُمْ
قَالَ الطِّيبِيُّ يُقَالُ نَزَلَ بِالْمَكَانِ وَنَزَلَ مِنْ عُلُوٍّ وَمِنَ الْمَجَازِ نَزَلَ بِهِ مَكْرُوهٌ وَأَنْزَلْتُ حَاجَتِي عَلَى كَرِيمٍ وَخُلَاصَتُهُ أَنَّ مَنِ اعْتَمَدَ فِي سَدِّهَا عَلَى سُؤَالِهِمْ (لَمْ تُسَدُّ فَاقَتُهُ) أَيْ لَمْ تُقْضَ حَاجَتُهُ وَلَمْ تَزَلْ فَاقَتُهُ وَكُلَّمَا تُسَدُّ حَاجَةٌ أَصَابَتْهُ أُخْرَى أَشَدُّ مِنْهَا (وَمَنْ أَنْزَلَهَا بِاللَّهِ) بِأَنِ اعْتَمَدَ عَلَى مَوْلَاهُ (أَوْشَكَ اللَّهُ) أَيْ أَسْرَعَ وَعَجَّلَ (بِالْغِنَى) بِالْكَسْرِ مَقْصُورًا أَيِ الْيَسَارِ وَفِي نُسْخَةِ الْمَصَابِيحِ لَهُ بِالْغَنَاءِ أَيْ بِفَتْحِ الْغَيْنِ وَالْمَدِّ أَيِ الْكِفَايَةِ
قَالَ شُرَّاحُ الْمَصَابِيحِ وَرِوَايَةُ بِالْغِنَى أَيْ بِالْكَسْرِ مَقْصُورًا عَلَى مَعْنَى الْيَسَارِ تَحْرِيفٌ لِلْمَعْنَى لِأَنَّهُ قَالَ يَأْتِيهِ الْكِفَايَةُ عَمَّا هُوَ فِيهِ انْتَهَى (إِمَّا بِمَوْتٍ عَاجِلٍ) قِيلَ بِمَوْتِ قَرِيبٍ لَهُ غَنِيٍّ فَيَرِثُهُ
وَلَعَلَّ الْحَدِيثَ مُقْتَبَسٌ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ
وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ (أَوْ غِنَى) بِكَسْرٍ وَقَصْرٍ أَيْ يَسَارٍ (عَاجِلٍ) أَيْ بِأَنْ يُعْطِيَهُ مَالًا وَيَجْعَلَهُ غَنِيًّا
قَالَ الطِّيبِيُّ هُوَ هَكَذَا أَيْ عَاجِلٍ بِالْعَيْنِ فِي أَكْثَرِ نُسَخِ الْمَصَابِيحِ وَجَامِعِ الْأُصُولِ
وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيِّ أَوْ غِنًى آجِلٍ بِهَمْزَةٍ مَمْدُودَةٍ وَهُوَ أَصَحُّ دِرَايَةً لِقَوْلِهِ تَعَالَى إِنْ يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله انْتَهَى
قُلْتُ نُسَخُ أَبِي دَاوُدَ الَّتِي عِنْدِي فِي كُلِّهَا عَاجِلٍ بِالْعَيْنِ وَكَذَا فِي نُسَخِ الْمُنْذِرِيِّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ غريب
[١٦٤٦] (عن بن الْفِرَاسِيِّ) بِكَسْرِ الْفَاءِ
قَالَ الْحَافِظُ فِي التَّقْرِيبِ بن الْفِرَاسِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ