فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ النَّافِلَةَ الرَّاتِبَةَ وَغَيْرَهَا يُسْتَحَبُّ أَنْ يَتَحَوَّلَ لَهَا عَنْ مَوْضِعِ الْفَرِيضَةِ إِلَى مَوْضِعٍ آخَرَ وَأَفْضَلُهُ التَّحَوُّلُ إِلَى بَيْتِهِ وَإِلَّا فَمَوْضِعٌ آخَرُ مِنَ الْمَسْجِدِ أَوْ غَيْرِهِ لِيُكْثِرَ مَوَاضِعَ سُجُودِهِ وَلِتَنْفَصِلَ صُورَةُ النَّافِلَةِ عَنْ صُورَةِ الْفَرِيضَةِ وَقَوْلُهُ حَتَّى تَتَكَلَّمَ عَلَى أَنَّ الْفَصْلَ بَيْنَهُمَا يَحْصُلُ بِالْكَلَامِ أَيْضًا وَلَكِنْ بِالِانْتِقَالِ أَفْضَلُ قَالَهُ النَّوَوِيُّ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ
[١١٣٠] (فَصَلَّى الْجُمُعَةَ تَقَدَّمَ) لِيَفْصِلَ بَيْنَهُمَا بِالْمَشْيِ وَاخْتِلَافِ الْمَكَانِ (فَقِيلَ لَهُ) أَيْ سَأَلُوهُ عَنْ سَبَبِ ذلك
وفي النيل وكون بن عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ كَانَ يُصَلِّي بِمَكَّةَ بَعْدَ الْجُمُعَةِ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ أَرْبَعًا وَإِذَا كَانَ بِالْمَدِينَةِ صَلَّى بَعْدَهَا رَكْعَتَيْنِ فِي بَيْتِهِ فَقِيلَ لَهُ فَقَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُ ذَلِكَ فَلَيْسَ فِي ذَلِكَ عِلْمٌ وَلَا ظَنٌّ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَفْعَلُ بِمَكَّةَ ذَلِكَ وَإِنَّمَا أَرَادَ رَفْعَ فِعْلِهِ بِالْمَدِينَةِ فَحَسْبُ لِأَنَّهُ لَمْ يَصِحَّ أَنَّهُ صَلَّى الْجُمُعَةَ بِمَكَّةَ وَعَلَى تَقْدِيرِ وُقُوعِهِ بِمَكَّةَ مِنْهُ فَلَيْسَ ذَلِكَ فِي أَكْثَرِ الْأَوْقَاتِ بَلْ نَادِرًا أَوْ رُبَّمَا كَانَتِ الْخَصَائِصُ فِي حَقِّهِ بِالتَّخْفِيفِ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ فَإِنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا خَطَبَ احْمَرَّتْ عَيْنَاهُ وَعَلَا صَوْتُهُ وَاشْتَدَّ غَضَبُهُ كَأَنَّهُ مُنْذِرُ جَيْشٍ الْحَدِيثَ فَرُبَّمَا لَحِقَهُ تَعَبٌ مِنْ ذَلِكَ فَاقْتَصَرَ عَلَى الرَّكْعَتَيْنِ فِي بَيْتِهِ وَكَانَ يُطِيلُهُمَا كَمَا ثَبَتَ فِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ وَأَفْضَلُ الصَّلَاةِ طُولُ الْقُنُوتِ أَيِ الْقِيَامِ فَلَعَلَّهَا كَانَتْ أَطْوَلَ مِنْ أَرْبَعٍ خِفَافٍ أَوْ مُتَوَسِّطَاتٍ
وَالْحَاصِلُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ الْأُمَّةَ مُخْتَصًّا بِهِمْ بِصَلَاةِ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ بَعْدَ الْجُمُعَةِ وَأَطْلَقَ ذَلِكَ وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِكَوْنِهَا فِي الْبَيْتِ وَاقْتِصَارُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ركعتين كما في حديث بن عُمَرَ لَا يُنَافِي مَشْرُوعِيَّةَ الْأَرْبَعِ لِعَدَمِ الْمُعَارَضَةِ بَيْنَهُمَا
وَالْحَدِيثُ سَكَتَ عَنْهُ الْمُؤَلِّفُ ثُمَّ الْمُنْذِرِيُّ قَالَ الْحَافِظُ الْعِرَاقِيُّ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ
[١١٣١] (فَلْيُصَلِّ أَرْبَعًا) قَالَ فِي سُبُلِ السَّلَامِ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمُ الْجُمُعَةَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute