للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأول: هو البعث على حقيقته، وهو المعاد والبعث بعد الموت للحساب والجزاء، وهذا ورد عن جماعة من علماء اليهود ومفكريهم، كما جاء على لسان سعد الفيومي:" إن إحياء الموتى الذي عرفنا ربنا أنه يكون في دار الآخرة للمجازاة، فذلك مما أمتنا مجمعة عليه ... إلى أن قال: لأن المقصود من جميع المخلوقين هو الإنسان، بسبب تشريفه بالطاعة وثمراتها الحياة في دار الجزاء" (١).

ومع الخلاف الذي ذكرناه في طوائف اليهود في تصور اليوم الآخر، ينتقض الإجماع الذي حكاه الفيومي، من أن أمته اليهودية مجمعة على الإيمان باليوم الآخر، وهذا يتبين بالمراد الثاني من التعبير الوارد في نصوصهم المضمن ليوم القيامة.

الثاني: أنه بعث قومي لشعب اليهود يكون في الدنيا، فيفسرون الآخرة والبعث بهذا المعنى، ويصرحون بإنكار البعث الحقيقي يوم القيامة، وذكرنا أنهم الصدوقيون والإصلاحيون، وقد ذكر إنجيل (متّى) أن الطائفة المكذبة بالقيامة، في ذلك اليوم جاء إليه صادوقيون، الذين يقولون لا قيامة وأجاب عيسى عن سؤال أحد تلامذته القائل: أيذهب جسدنا الذي لنا إلى الجنة؟ فقال له عيسى عليه السلام:" احذر يا بطرس من أن تصير صدوقيا فإن الصدوقيين يقولون: إن الجسد لا يقوم أيضاً، وإنه لا توجد ملائكة لذلك حرم على جسدهم وروحهم الدخول في الجنة" (٢).

ومع هذا الخلاف في البعث إلا أن غالب طوائف اليهود على الإيمان بالبعث وإن اختلفت في بعض تفاصيله ولذا يقول الإمام الشوكاني:" وأهل الكتاب إلى عصرنا هذا يقرون بالمعاد والجنة والنار والحساب والعقاب والنعيم والثواب، ولا ينكر ذلك منهم منكر، ولا يخالف فيه مخالف" (٣).


(١) سعد الفيومي: كتاب الأمانات والاعتقادات، طبع سنة ١٨٨٠ م ص (٢١١)، شاكر الساعدي: المعاد الجسماني، المركز العالمي للدراسات الإسلامية، ١٤٢٦ هـ، ص (٤٣).
(٢) عمر الأشقر: القيامة الكبرى، دار النفائس - الأردن، ط ٦ ١٤١٦ هـ، ص (٩٤).
(٣) الشوكاني: إرشاد الثقات، دار الكتب العلمية - بيروت، ط ١ ١٤٠٤ هـ، ص (٢٤).

<<  <   >  >>