للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقول د. دراز:" لا نصادف منذ آدم حتى موسى إلى آخر عهده أية إشارة في أي مكان إلى حياة بعد الموت كأن الم يكن العقيدة الحياة الأخرى مكان في أديانهم" (١).

وقد أرجع بعض الباحثين خلو التوراة إلا إشارات عن اليوم الآخر لعدة أسباب منها:

١ - معرفة بني إسرائيل لهذه العقيدة التي لا تحتاج إلى تكرار، وصرح بهذا ابن كمونة اليهودي (٢)

٢ - أن ثواب الآخرة مما يستدل عليه بالعقل، فاختصرت التوراة الحديث عنه، اتكالاً على العقل.

٣ - أن النبوة من شأنها الكلام عن الحوادث والقريبة للحاجة إليها وتختصر في الحوادث البعيدة، وهذا السببان أشار إليهما سعد الفيومي (٣).

في حين أرجع بعض الباحثين إهمال اليهود لعقيدة الإيمان باليوم الآخر لمجموعة من الأسباب منها:

١ - الرغبة في التسلط على الشعوب الأخرى.

٢ - اهتمامهم البالغ بأمور الحياة الدنيا.

٣ - التطلع إلى الخلاص من الاضطهاد.

أما الأسباب التي ذكرت لخلو التوراة من الحديث عن اليوم الآخر إلا إشارات، فهي أسباب غير مقبولة، بل إن خفاء مثل هذه الحقائق الأساسية التي اتفقت عليها الشرائع السماوية، دليل واضح وبرهان بيّن على دخول يد التحريف في صياغة عبارات التوراة، التي كتبت بعد موسى عليه السلام، في حين ما ذكره ابن كمونة اليهودي غير مُسَلّم، إذ لا يصح الاعتماد على معرفة الناس، فضلاً عن عقولهم كما يقول الفيومي، خاصة في أمر البعث والمعاد.

وهنا ينبغي أن يُعلم أن النصوص القليلة، والإشارات النادرة، التي وردت في العهد القديم والأسفار، ويُعبر عنها بيوم القيامة ضمناً، يراد بها أحد أمرين:


(١) محمد عبد الله دراز: دستور الأخلاق في القرآن، مؤسسة الرسالة، ط ١٠ ١٤١٨ هـ، ص (٢٨)
(٢) ابن كمونة: تنقيح الأبحاث في الملل الثلاث، ص (٢٦).
(٣) سعديا الفيومي: كتاب الأمانات والاعتقادات ص (٢٥٨)، انظر: زاهر الشهري: الإيمان باليوم الآخر عند اليهود، مقال منقول من صفحة المؤلف من موقع صيد الفوائد، ص (٢).

<<  <   >  >>