للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أن هذا خطاب للمكذبين بالبعث يقول فيه المولى: {أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ (٦٣)} أي: أخبروني عما تحرثون من أرضكم فتطرحون فيها البذر، أنتم تنبتونه وتحصلونه زرعاً، فيكون فيه السنبل والحب أم نحن نفعل ذلك؟ وإنما منكم البذر وشق الأرض، فإذا أقررتم بأن إخراج السنبل من الحب ليس إليكم، فكيف تنكرون إخراج الأموات من الأرض وإعادتهم (١).

فالقصة العجيبة التي تمثلها كل حبة وكل ندرة، والخارقة التي تنبت من قلبها وتنمو وترتفع فكلها من صنع الخالق، ولو شاء لم تبدأ رحلتها، ولم تتم قصتها، ولجعلها حطاماً قبل أن يؤتى ثمارها، ولكن هي بمشيئته تعالى تقطع رحلهاً من البدء إلى الختام، وهي وصرة من صور الحياة التي تنشئها القدرة الإلهية وترعاها.

فماذا في النشأة الأخرى من غرابة، وهي هي النشأة الأولى؟ (٢)

الثالث: قوله تعالى: {أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ (٦٨) أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ (٦٩) لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ (٧٠)} [الواقعة: ٦٨ - ٧٠].

ووجه هذه الحجة على المكذبين بالبعث:

أن الله تعالى يقول لهم {أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ (٦٨) أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ} أي: السحاب {أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ (٦٩)} أي: بل نحن المنزلون، فهو سبحانه ينبههم على عظيم قدرته (٣)، فكأنه يقول لهم: فإذا عرفتم بأني أنزلته، فلم لا تشكروني بإخلاص العبادة لي؟ ولم تنكرون قدرتي على الإعادة (٤).


(١) القرطبي: الجامع لأحكام القرآن ١٧/ ٢١٤)،ابن عادل: اللباب في علوم الكتاب ـ (١٨/ ٤٤١٩٥٢)
(٢) سيد قطب: في ظلال القرآن، دار الشروق - بيروت، القاهرة، ط ١٧ ١٤١٢ هـ (٦/ ٣٤٦٩).
(٣) السمعاني: تفسير القرآن،، دار الوطن - الرياض، ط ١ ١٤١٨ هـ (٥/ ٣٥٦).
(٤) القرطبي: الجامع لأحكام القرآن، دار الكتب المصرية - القاهرة، ط ٢ - ١٣٨٤ هـ، (١٧/ ٢٢١)

<<  <   >  >>