مقابلة الكبائر في قوله:{إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ}، وإلا فالأصل أن السيئة عامة للكبيرة وللصغيرة.
ومن بلاغة القرآن أن يعرف معنى الكلمة بذكر ما يقابلها، ومن ذلك قوله تعالى:{فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعًا}[النساء: ٧١] , فمعنى ثبات: فرادى، والدليل أنه قوبل بقوله:{أَوِ انْفِرُوا جَمِيعًا}، مع أنك لو ذهبت تراجعها في القاموس أو غيره من كتب اللغة لأخذت وقتًا، لكن إذا عرفت أن الله عزّ وجل يذكر الشيء وما يقابله كما في هذه الآية، عرفت أن المراد بالثبات الفرادى.
وقوله تعالى:{وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا}: المدخل الكريم هو الجنة؛ لأنها دار الكرم، ودار الفضل، ودار الإحسان, ودار السلام، وهنا قال:"مُدْخَلًا" ولم يقل "مَدْخَلًا" لأنه من الرباعي، واسم المكان أو الزمان والمصدر الميمي إذا كان من الرباعي فهو على وزن "مُفْعل" لا على وزن "مَفْعل"، ولهذا تقول: أقام الرجل عندنا مُقامًا، وتقول قام الرجل فينا مَقامًا؛ لأنه من الثلاثي، وعلى هذا كان قوله:{وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا} بضم الميم لأنه من الرباعي: أدخل يُدخِل أي: ندخلكم في مكان دخول كريم، بناءً على أن "مُدخل" هنا اسم مكان، ويجوز أن تكون مصدرًا ميميًا؛ أي: ندخلكم إدخالًا كريمًا، ويجوز أن يراد بها هذا وهذا؛ أي: أن الكرم وصف للإدخال ولمكان الدخول.
فإذا قال قائل: ما هي الكبائر؟
قلنا: الكبائر جمع كبيرة، وقد جاءت الأحاديث بعدِّها بثلاث، وأربع، وسبع، وتسع، وتفاوتت الأحاديث في هذا، ففي