للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أرى الدهر كنزاً ناقصاً كل ليلة ... وما تنقص الأيام والدهر ينفد

لعمرك إن الموت ما أخطأ الفتى ... لكالطول المرخى وثنياه باليد

(د) ثم ينتقل إلى عتاب ابن عمه مالك وقد سبق أن ذكرناه في أول المعلقة.

(هـ) ثم يعود إلى التحدث عن نفسه ووصفها بالذكاء والشجاعة، ويتنبأ بموته ويطلب من ابنة أخيه معبد أن تبكيه إذا مات:

إذا مت فانعيني بما أنا أهله ... وشقي على الجيب يا ابنة معبد

ولا تجعليني كامرئ ليس همه ... كهمي، ولا يغنى عنائي ومشهدي

وهو في هذا البيت يعرض بابن عمه.

(و) ثم ينتقل إلى الحكمة فيأتي منها بحكم رائعة وأمثال بليغة رويت على مر الزمان:

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا ... ويأتيك بالأخبار من لم تزود

لعمرك ما الأيام إلا معارة ... فما اسطعت من معروفها فتزود

عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه ... فكل قرين بالمقارن يقتدى

لعمرك ما أدرى وأتى لواجل ... أفي اليوم أقدام المنية أو غد

إذا أنت لم تنفع بودك أهله ... ولم تنك بالبؤس عدوك فابعد

- ٢ - وقال يصف أحواله وتنقله في البلاد ولهوه:

أصحوت اليوم أم شاقتك هر ... ومن الحب جنون مستمر

لا يكن حبك داء قاتلا ... ليس هذا منك ماوي بحر

كيف أرجو حبها من بعد ما ... علق القلب بنصب مستسر

أرق العين خيال لم يقر ... طاف والركب بصحراء يسر

جازت البيد إلى أرحلنا ... آخر الليل بيعفور خدر

ثم زارتني وصحبي هجج ... في خليط بين برد ونمر

تخلس الطرف بعيني برغز ... وبخدي رشاء آدم غر

ولها كشحاً مهاة مطفل ... تقترى بالرمل أفنان الزهر

وعلى المتنين منها وارد ... حسن النبت أثيث مسبكر

جأبة المدرى لها ذو جدة ... تنفض الضال وأفنان السمر

بين أكتاف خفاف فاللوى ... مخرف تحنو لرخص الظلف حر

تحسب الطرف عليها بحدة ... يا لقومي للشباب المسبكر

حيثما قاظوا بنجد وشتوا ... حول ذات الحاذ من ثني وقر

فله منها على أحيانها ... صفوة الراح بملذوذ خصر

إن تنوله فقد تمنعه ... وتريه النجم يجري بالظهر

ظل في عسكرة من حبها ... ونأت شحط مزار المدرر

فلئن شطت نواها مرة ... لعلي عهد حبيب معتكر

بادن تجلو إذا ما ابتسمت ... عن شتيت كأقاح الرمل غر

بدلته الشمس من منبته ... برداً أبيض مصقول الأشر

وإذا تضحك تبدي حبباً ... كرضاب المسك بالماء الخصر

صادفته حرجف في تلعة ... فسجا وسط بلاط مسبطر

وإذا قامت تداعى قاصف ... مال من أعلى كثيب منقعر

تطرد القر بحر صادق ... وعكيك القيظ، إن جاء، بقر

لا تلمني إنها من نسوة ... رقد الصيف مقالبت نزر

كبنات المخر يمأذن كما ... أنبت الصيف عساليج الخضر

فجعوني يوم زموا عيرهم ... برخيم الصوت ملثوم عطر

وإذا تلسنني ألسنها ... إنني لست بموهون فقر

لا كبير دالف من هرم ... أرهب الليل ولا كل الظفر

وبلاد زعل ظلمانها ... كالمخاض الجرب واليوم الخدر

قد تبطنت وتحتي جسرة ... تتقى الأرض بملثوم معز

فترى المرو إذا ما هجرت ... عن يديها كالفراش المشفتر

ذاك عصر وعداني أنني ... نابى العام خطوب غير سر

من أمور حدثت أمثالها ... تبتري عود القوي المستمر

وتشكى النفس ما صاب بها ... فاصبري إنك من قوم صبر

إن تصادف منفساً لا تلفنا ... فرح الخير ولا نكبوا لضر

أسد غيل فإذا ما فزعوا ... غير أنكاس ولا هوج هذر

ولي الأصل الذي في مثله ... يصلح الآبر زرع المؤتبر

طيبوا الباءة، سهل ولهم ... سبل إن شئت في وحش وعر

وهم ما هم إذا ما لبسوا ... نسج داود لبأس محتضر

وتساقى القوم كأساً مرة ... وعلا الخيل دماء كالشقر

ثم زادوا أنهم في قومهم ... غفر ذنبهم غير فخر

لا تعز الخمر إن طافوا بها ... بسباء الثول والكوم البكر

فإذا ما شربوها وانتشوا ... وهبوا كل أمون وطمر

<<  <   >  >>