للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (الصُّبْحَ أَرْبَعًا) بهمزة ممدودة في أوله، ويجوز قصرها، وهو استفهام للإنكار التوبيخي، و (الصُّبْحَ) منصوب بإضمار فعل مقدر تقديره: أتصلي الصبح، وقال الكِرماني: ويجوز الصبحُ بالرفع، أي الصبحُ تصلي أربعاً، قال العَيْنِي: يكون الصبح على هذا مبتدأً.

وقوله: (تُصَلِّي (١) أَرْبَعَاً) جملةٌ وقعت خبراً والضمير محذوف لأن تقديره تصليه أربعاً، والضمير الذي يقع مفعولاً حذفه شائع ذائع، وانتصاب (أَرْبَعَاً) على الحال، قاله ابن مالك، وقال الكِرماني: على البدلية، قال العَيْنِي: يكون بدل الكل من الكل لأن الصبح صار في معنى الأربع، ويجوز أن يكون بدل الكل من البعض لأن الأربع ضِعف صلاة الصبح، ويجوز أن يكون بدل الاشتمال لأن الذي صلاها الرجل أربع ركعات في المعنى.

ذِكرُ ما يستفاد من هذا الحديث، وهو على وجوه:

الأول: اختُلف فيمن دخل المسجد لصلاة الصبح فأقيمت الصلاة هل يصلي ركعتي الفجر أم لا؟ فكرهت طائفة أن يركع ركعتي الفجر في المسجد والإمامُ في صلاة الفجر محتجين بهذا الحديث، وروي ذلك عن ابن عمر وأبي هريرة وسعيد بن جبير وعروة وابن سيرين وإبراهيم وعطاء والشافعي وأحمد واسحاق وأبي ثور، وقالت طائفة: لا بأس أن يصليها خارج المسجد إذا تيقن أنه يدرك الركعة الأخيرة مع الإمام، وهو قول أبي حنيفة وأصحابه والأوزاعي إلا أن الأوزاعي أجاز أن يركعهما في المسجد، وقال الثوري: إن خشي فوت ركعة دخل معه ولم يصليهما وإلا صلاهما في المسجد، وقال صاحب «الهداية» : ومن انتهى إلى الإمام في صلاة الفجر وهو لم يصل ركعتي الفجر إن خشي أن يفوته ركعة -يعني من صلاة الفجر- لاشتغاله بالسنة ويدرك الركعة الأخرى -وهي الثانية- يصلي ركعتي الفجر عند باب المسجد ثم (٢) يدخل المسجد، لأنه أمكنه الجمع بين الفضيلتين، يعني فضيلة السنة وفضل الجماعة. قال العَيْنِي: وإنما قيد بقوله: عند باب المسجد، لأنه لو صلاهما في المسجد كان متنفلاً فيه مع اشتغال الإمام بالفرض وإنه مكروه، لقوله عليه السلام: ((إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة) وخصت سنة الفجر بقوله عليه السلام: ((لا تدعوهما وإن طردتكم الخيل)) رواه أبو داود عن أبي هريرة، هذا إذا كان عند باب المسجد موضعٌ لذلك فإن لم يكن يصليهما في المسجد خلف سارية من سواريه خلف الصفوف، وذكر فخرُ الإسلام وأشدُّها كراهةً أن يصلي مخالطاً للصف مخالفاً للجماعة، والذي يلي ذلك خلفَ الصف من غير حائلٍ بينه وبين الصف، وفي «الذخيرة» : السنةُ في سنة الفجر يعني ركعتي الفجر أن (٣) يأتي بهما في بيته، فإن لم يفعل فعند باب المسجد إذا كان الإمام يصلي فيه، فإن لم يمكِنه ففي المسجد الجامع إذا كان الإمام في المسجد الداخل، وفي الداخل إذا كان الإمام في الجامع وفي المحيط، وقيل: يكره ذلك كله لأن ذلك بمنزلة مسجد واحد.

وعند الظاهرية أنه قطع (٤) الصلاة إذا أقيمت الصلاة، وفي [الخلاف] (٥) يصليهما وإن فاتته


(١) في (الأصل) : ((يصلي)) والصواب ((تصلي)).
(٢) طمس في (الأصل) : ولعلها ((ثم)).
(٣) طمس في (الأصل) : ولعلها ((أن)).
(٤) كذا في (الأصل) : ((قطع)) ولعلها ((يقطع)).
(٥) كلمة غير مفهومة.

<<  <   >  >>