للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

لا غيره، كما استدلَّ به ابن المنذر وابن حبَّان، واستدلَّ بورود الأمر به من قال بوجوب الأذان، وتعقُّب بأنَّ الأمر إنَّما ورد بصفة الأذان لا بنفسه، وأجيب بأنَّه إذا ثبت الأمر بالصفة، لزم أن يكون الأصل مأمورًا به، قاله ابن دقيق العيد، وممن قال بوجوبه مطلقًا الأوزاعي وداود وابن المنذر، وهو ظاهر قول مالك في «الموطأ»، وحكي عن محمَّد بن الحسن، وقيل: واجب في الجمعة فقط، وقيل: فرض كفاية، والجمهور على أنَّه من السُّنن المؤكَّدة، وقد تقدَّم ذكر منشأ الخلاف في ذلك، وقد أخطأ من استدلَّ على عدم وجوبه بالإجماع لما ذكرنا، والله أعلم.

قال الكِرْماني: والصَّواب وعليه الأكثر، أنَّه مرفوع لأنَّ إطلاق مثله ينصرف عرفًا إلى صاحب الأمر والنَّهي، وهو رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، قال العَيني: مقصوده من هذا الكلام تقوية مذهبه، وقوَّى بعضهم هذا بقوله، وقد وَقَعَ في رواية روح عن عطاء، وساق العَيني كلام شيخنا المتقدِّم ثمَّ قال: روى البَيْهَقي في «سننه» من حديث ابن المبارك عن يُونُس عن الزُّهْري عن سعيد عن عبد الله بن زيد بن عبد ربِّه وأبو عَوانة في «صحيحه» من حديث الشَّعْبي عنه ولفظه: ((أَذَّنَ مَثْنَى، وَأَقَامَ مَثْنَى)) وحديث أبي مَحذُورَة عند التِّرْمِذي صحيحًا: ((عَلَّمَهُ الأَذَانَ مَثْنَى مَثْنَى والإِقَامَةَ مَثْنَى مَثْنَى)) وحديث أبي جُحَيْفَة: ((أَنَّ بِلَالًا رَضِيَ اللهُ عَنْهُ كَانَ يُؤَذِّنُ مَثْنَى مَثْنَى، وَيُقِيمُ مَثْنَى مَثْنَى)) وروى الطَّحاوي من حديث وكيع عن إبراهيم بن إسماعيل عن مُجَمِّع بن حارثة عن عُبَيْد مولى سلمة بن الأَكوَع: ((أَنَّ سَلَمَةَ بنَ الأَكْوَع كَانَ يُثَنِّي الأَذَانَ وَالإِقَامَةَ)).

حدَّثنا محمَّد بن خُزَيمَة حدَّثنا محمَّد بن سنان حدَّثنا حمَّاد بن سلمة عن حمَّاد عن إبراهيم قال: ((كَانَ ثَوْبانُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يُؤَذِّنُ مَثْنَى مَثْنَى وَيُقِيمُ مَثْنَى)) حدَّثنا يزيد بن سنان حدَّثنا يحيى بن سعيد القطَّان حدَّثنا قُطْر بن خليفة عن مجاهد قال في الإقامة: مرَّة مرَّة، إنَّما هو شيء أحدثه الأمراء، وأنَّ الأصل للتثنية، قال العَيني: وقد ظهر لك بهذه الدلائل أنَّ قول النَّوَوي في «شرح مسلم» وقال أبو حنيفة: الإقامة سبع عشرة كلمة، وهذا المذهب شاذٌ قولٌ واهٍ لا يلتفت إليه، وكيف يكون شاذًا مع وجود هذه الأحاديث والأخبار الصحيحة، فإن قالوا حديث أبي مَحذُورَة لا يوازي حديث أَنَس المذكور من جهة واحدة، فضلًا عن الجهات كلِّها، مع أنَّ جماعة من الحفاظ ذهبوا إلى أنَّ هذه اللفظة في تثنية الإقامة غير محفوظة، ثمَّ رووا من طريق البخاري عن عبد الملك بن أبي مَحذُورَة إنَّه سمع أباه أبا مَحذُورَة يقول: (إِنَّ النَّبِيَّ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلَّم أَمَرَهُ أَنْ يَشْفَعَ الأَذَانَ وَيُوتِرَ الْإِقَامَةَ) قلنا: قد ذكرنا أنَّ التِّرْمِذي صحَّحه، وكذا ابن خُزَيمَة وابن حبَّان صحَّحا هذه اللفظة، فإن قالوا: سلَّمنا أنَّ هذه اللفظة محفوظة، وأنَّ الحديث ثابت، ولكن يقول: إنَّه منسوخ، لأنَّ أذان بلال هو آخر الأذانين، قلنا: لا نسلِّم أنَّه منسوخ، لأنَّ أذان بلال

<<  <   >  >>