للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من الإسلام.

فالأول كمحبة المشركين لأوثانهم وأندادهم. قال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ} [البقرة: ١٦٥]. فهؤلاء المشركون يحبون أوثانَهم وأصنامَهم وآلهتهم مع الله كما يحبون الله تعالى، فهذه محبةُ تألُّهٍ وموالاةٍ، يتبعها الخوف والرجاء والعبادة والدعاء. وهذه المحبة هي محضُ الشرك الذي لا يغفره الله، ولا يتمُّ الإيمانُ إلا بمعاداة هذه الأنداد وشِدَّة بغضِها وبغضِ أهلها ومعاداتِهم ومحاربتهم.

وبذلك أرسَلَ الله جميعَ رسله، وأنزل جميع كتبه، وخلق النارَ لأهل هذه المحبة الشِّركية، وخلق الجنةَ لمن حارب أهلَها وعاداهم فيه وفي مرضاته. فكلُّ مَن عبد شيئًا من لدن عرشه إلى قرار أرضه، فقد اتخذ من دونه (١) إلاهًا ووليًّا، وأشرك به ــ كائنًا ذلك المعبود ما كان ــ ولا بدَّ أن يتبرَّأ منه أحوجَ ما كان إليه.

والنوع الثاني: محبةُ ما زيَّنه الله سبحانه للنفوس من النساء والبنين والذهب والفضة والخيل المسوَّمة والأنعام والحرث، فيحبها محبةَ شهوة كمحبة الجائع للطعام والظمآن للماء. فهذه (٢) المحبة ثلاثة أنواع:

فإن أحبَّها لله توصُّلًا بها إليه، واستعانةً على مرضاته وطاعته؛ أُثيب عليها وكانت من قِسْم الحبِّ لله، فيثاب عليها، ويلتذُّ بالتمتع بها. وهذا حال


(١) في النسخ المطبوعة: «من دون الله».
(٢) كذا بالفاء في جميع النسخ. ومقتضى السياق: «وهذه».