للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الإيمان، والحبُّ مع الله هو عين الشرك (١).

والفرقُ بينهما: أن الحبَّ في الله تابع لمحبة الله، فإذا تمكنت محبتُه من قلب العبد أوجبَت تلك المحبةُ أن يحبَّ ما يحبُّه الله، فإذا أحبَّ ما أحبَّه ربُّه ووليُّه كان ذلك الحبُّ له وفيه، كما يحبُّ رسلَه وأنبياءه وملائكته وأولياءه لكونه تعالى يحبهم، ويُبغض من يُبغضه لكونه تعالى يبغضه.

وعلامة هذا الحبِّ والبغض في الله: أنه لا ينقلب بغضُه لبغيضِ الله حبًّا لإحسانه إليه، وخدمته له، وقضاءِ حوائجه. ولا ينقلب حبُّه لحبيب الله بغضًا إذا وصل إليه من جهته ما يكرههُ ويُؤلمه، إما خطَأً وإما عمدًا، مطيعًا لله فيه، أو متأوِّلًا ومجتهدًا (٢)، أو باغيًا نازعًا تائبًا.

والدين كلُّه يدور على أربع قواعد: حبٌّ وبغضٌ، ويترتب عليهما فعلٌ وتركٌ. فمن كان حبُّه وبغضُه، وفعلُه وتركُه لله فقد استكمل الإيمان، بحيث إذا أحبَّ أحبَّ لله، وإذا أبغضَ أبغضَ لله، وإذا فعَل فعَل لله، وإذا ترَك ترَك لله. وما نقَص من إضافة هذه الأربعة إلى الله نقَص من إيمانه ودينه بحسَبه (٣).

وهذا بخلاف الحبِّ مع الله، فهو نوعان: نوع يقدح في أصل التوحيد، وهو شرك. ونوع يقدح في كمال الإخلاص [١٦٨ ب] ومحبة الله، ولا يُخرِج


(١) وانظر: الداء والدواء (٤٤٣).
(٢) ما عدا (أ، ق، غ): «متأولًا مجتهدًا»، بحذف الواو. وفي النسخ المطبوعة: «أو» موضع الواو.
(٣) وانظر: إغاثة اللهفان (٢/ ١٢٤)، وشفاء العليل (١٦٩). ومبنى كلامه على ما رواه أبو داود (٤٦٨٣) وغيره عن أبي أمامة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من أحب لله وأبغض لله وأعطى لله ومنع لله، فقد استكمل الإيمان». وتخريجه في الداء والدواء (٤٤٢).